وذكر أبو حاتم عن الأصمعي قال: هرب بعض البصريين من الطاعون فركب حمارا له ومضى بأهله نحو سفوان (1)، فسمع حاديا يحدو خلفه:
لن يسبق الله على حمار * ولا على ذي منعة طيار أو يأتي الحتف على مقدار * قد يصبح الله أمام الساري وذكر المدائني قال: وقع الطاعون بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان فخرج هاربا منه فنزل قرية من قرى الصعيد يقال لها " سكر " (2). فقدم عليه حين نزلها رسول لعبد الملك ابن مروان. فقال له عبد العزيز: ما أسمك؟ فقال له: طالب بن مدرك. فقال: أو ه (3) ما أراني راجعا إلى الفسطاط! فمات في تلك القرية.
قوله تعالى: وقتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم (244) هذا خطاب لامة محمد صلى الله عليه وسلم بالقتال في سبيل الله في قول الجمهور. وهو الذي ينوى به أن تكون كلمة الله هي العليا. وسبل الله كثيرة فهي عامة في كله سبيل، قال الله تعالى: " قل هذه سبيلي (4) ". قال مالك: سبل الله كثيرة، وما من سبيل إلا يقاتل عليها أو فيها أولها، وأعظمها دين الاسلام، لا خلاف في هذا. وقيل: الخطاب للذين أحيوا من بني إسرائيل، روى عن ابن عباس والضحاك. والواو على هذا في قوله " وقاتلوا " عاطفة على الامر المتقدم، وفى الكلام متروك تقديره: وقال لهم قاتلوا. وعلى القول الأول عاطفة جملة كلام على جملة ما تقدم، ولا حاجة إلى إضمار في الكلام. قال النحاس:
" وقاتلوا " أمر من الله تعالى للمؤمنين ألا تهربوا كما هرب هؤلاء.
(واعلموا أن الله سميع عليم) أي يسمع قولكم إن قلتم مثل ما قال هؤلاء ويعلم مرادكم به، وقال الطبري:
لا وجه لقول من قال: إن الامر بالقتال للذين أحيوا. والله أعلم.