أثرهم وهلكوا. والقرض ههنا: اسم، ولولاه لقال [ههنا (1)] إقراضا. واستدعاء القرض في هذه الآية إنما هي تأنيس وتقريب للناس بما يفهمونه، والله هو الغنى الحميد، لكنه تعالى شبه عطاء المؤمن في الدنيا بما يرجو به ثوابه في الآخرة بالقرض كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة بالبيع والشراء، حسب ما يأتي بيانه في " براءة (2) " إن شاء الله تعالى.
وقيل المراد بالآية الحث على الصدقة وإنفاق المال على الفقراء والمحتاجين والتوسعة عليهم، وفى سبيل الله بنصرة الدين. وكنى الله سبحانه عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيبا في الصدقة، كما كنى عن المريض والجائع والعطشان بنفسه المقدسة عن النقائص والآلام. ففي صحيح الحديث إخبارا عن الله تعالى: " يا بن آدم مرضت فلم تعدني واستطعمتك فلم تطعمني واستسقيتك فلم تسقني " قال يا رب كيف سقيك وأنت رب العالمين!؟ قال:
استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي ". وكذا فيما قبل، أخرجه مسلم والبخاري وهذا كله خرج مخرج التشريف لمن كنى عنه ترغيبا لمن خوطب به.
الرابعة - يجب على المستقرض رد القرض، لان الله تعالى بين أن من أنفق في سبيل الله لا يضيع عند الله تعالى بل يرد الثواب قطعا وأبهم الجزاء. وفى الخبر: " النفقة في سبيل الله تضاعف إلى سبعمائة ضعف وأكثر " على ما يأتي بيانه في هذه السورة عند قوله تعالى:
" مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل " الآية (3). وقال ههنا: (فيضاعفه له أضعافا كثيرة) وهذا لا نهاية له ولا حد.
الخامسة - ثواب القرض عظيم، لان فيه توسعة على المسلم وتفريجا عنه. خرج ابن ماجة في سننه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت ليلة اسرى بي على باب الجنة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر فقلت لجبريل:
ما بال القرض أفضل من الصدقة قال لان السائل يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة ". قال حدثنا محمد بن خلف العسقلاني حدثنا يعلى حدثنا سليمان بن يسير