وقوله تعالى: (فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم " أي ارجعوا إلى ما أمرتم به من إتمام الأركان. وقال مجاهد: " أمنتم " خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة، ورد الطبري على هذا القول. وقالت (1) فرقة: " أمنتم " زال خوفكم الذي ألجأكم إلى هذه الصلاة.
السابعة - واختلف العلماء من هذا الباب في بناء الخائف إذا أمن، فقال مالك:
إن صلى ركعة آمنا ثم خاف ركب وبنى، وكذلك إن صلى راكبا وهو خائف ثم أمن نزل وبنى، وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال المزني. وقال أبو حنيفة: إذا افتتح الصلاة آمنا ثم خاف استقبل ولم يبن، فإن صلى خائفا ثم أمن بنى. وقال الشافعي: يبنى النازل ولا يبنى الراكب. وقال أبو يوسف: لا يبنى في شئ من هذا كله.
الثامنة - قوله تعالى: (فاذكروا الله) قيل: معناه اشكروه على هذه النعمة في تعليمكم هذه الصلاة التي وقع بها الاجزاء، ولم تفتكم صلاة من الصلوات وهو الذي لم تكونوا تعلمونه. فالكاف في قوله " كما " بمعنى الشكر، تقول: افعل بي كما فعلت بك كذا مكافأة وشكرا. و " ما " في قوله " ما لم " مفعولة ب " علمكم ".
التاسعة - قال علماؤنا رحمة الله عليهم: الصلاة أصلها الدعاء، وحالة الخوف أولى بالدعاء، فلهذا لم تسقط الصلاة بالخوف، فإذا لم تسقط الصلاة بالخوف فأحرى ألا تسقط بغيره من مرض أو نحوه، فأمر الله سبحانه وتعالى بالمحافظة على الصلوات في كل حال من صحة أو مرض، وحضر أو سفر، وقدرة أو عجز وخوف أو أمن، لا تسقط عن المكلف بحال، ولا يتطرق إلى فرضيتها اختلال. وسيأتي بيان حكم المريض في آخر " آل عمران (2) " إن شاء الله تعالى. والمقصود من هذا أن تفعل الصلاة كيفما أمكن، ولا تسقط بحال حتى لو لم يتفق فعلها إلا بالإشارة بالعين لزم فعلها، وبهذا تميزت عن سائر العبادات، كلها تسقط بالأعذار ويترخص فيها بالرخص. قال ابن العربي: ولهذا قال علماؤنا: وهي مسألة عظمي، إن تارك الصلاة يقتل، لأنها أشبهت الايمان الذي لا يسقط بحال، وقالوا فيها: إحدى دعائم