قال أبو عبيدة: المولى ها هنا في موضع الموالي، أي بني العم، كقوله تعالى: " ثم يخرجكم طفلا " (1). وقال لبيد:
إني امرؤ منعت أرومة عامر * ضيمي وقد جنفت على خصومي قال أبو عبيدة: وكذلك الجانئ (بالهمز) وهو المائل أيضا. ويقال: أجنف الرجل، أي جاء بالجنف. كما يقال: ألام، أي أتى بما يلام عليه. وأخس، أي أتى بخسيس.
وتجانف لاثم، أي مال. ورجل أجنف، أي منحني الظهر. وجنفى (على فعلى بضم الفاء وفتح العين ": اسم موضع، عن ابن السكيت. وروي عن علي أنه قرأ " حيفا " بالحاء والياء، أي ظلما. وقال مجاهد: " فمن خاف " أي من خشي أن يجنف الموصي ويقطع ميراث طائفة ويتعمد الأذية (2)، أو يأتيها دون تعمد، وذلك هو الجنف دون إثم، فإن تعمد فهو الجنف في إثم. فالمعنى من وعظ في ذلك ورد عنه فأصلح بذلك ما بينه وبين ورثته وبين الورثة في ذاتهم فلا إثم عليه.
" إن الله غفور " عن الموصى إذا عملت فيه الموعظة ورجع عما أراد من الأذية. وقال ابن عباس وقتادة والربيع وغيرهم: معنى الآية من خاف أي علم ورأى وأتى علمه بعد موت الموصى أن الموصى جنف وتعمد أذية بعض ورثته فأصلح ما وقع بين الورثة من الاضطراب والشقاق " فلا إثم عليه "، أي لا يلحقه إثم المبدل المذكور قبل. وإن كان في فعله تبديل ما ولا بد، ولكنه تبديل لمصلحة. والتبديل الذي فيه الاثم إنما هو تبديل الهوى.
الثانية - الخطاب بقوله: فمن خاف " لجميع المسلمين. قيل لهم: إن خفتم من موص ميلا في الوصية وعدولا عن الحق ووقوعا في إثم ولم يخرجها بالمعروف، وذلك بأن يوصى بالمال إلى زوج ابنته أو لولد ابنته لينصرف المال إلى ابنته، أو إلى ابن ابنه والغرض أن ينصرف المال إلى ابنه، أو أوصى لبعيد وترك القريب، فبادروا إلى السعي في الاصلاح بينهم، فإذا وقع الصلح سقط الاثم عن المصلح. والاصلاح فرض على الكفاية، فإذا قام أحدهم به سقط عم الباقين، وإن لم يفعلوا أثم الكل.