(يقول الله تبارك وتعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) الحديث.
وإنما خص الصوم بأنه له وإن كانت العبادات كلها له لامرين باين الصوم بهما سائر العبادات.
أحدهما - أن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات.
الثاني - أن الصوم سر بين العبد وبين ربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصا به.
وما سواه من العبادات ظاهر، ربما فعله تصنعا ورياء، فلهذا صار أخص بالصوم من غيره.
وقيل غير هذا.
الثالثة - قوله تعالى: " كما كتب " الكاف في موضع نصب على النعت، التقدير كتابا كما، أو صوما كما. أو على الحال من الصيام، أي كتب عليكم الصيام مشبها كما كتب على الذين من قبلكم. وقال بعض النحاة: الكاف في موضع رفع نعتا للصيام، إذ ليس تعريفه بمحض، لمكان الاجمال الذي فيه بما فسرته الشريعة، فلذلك جاز نعته ب " كما " إذ لا ينعت بها إلا النكرات، فهو بمنزلة كتب عليكم صيام، وقد ضعف هذا القول. و " ما " في موضع خفض، وصلتها: " كتب على الذين من قبلكم ". والضمير في " كتب " يعود على " ما ".
واختلف أهل التأويل في موضع التشبيه وهي:
الرابعة - فقال الشعبي وقتادة وغيرهما: التشبيه يرجع إلى وقت الصوم وقدر الصوم، فإن الله تعالى كتب على قوم موسى وعيسى صوم رمضان فغيروا، وزاد أحبارهم عليهم عشرة أيام ثم مرض بعض أحبارهم فنذر إن شفاه الله أن يزيد في صومهم عشرة أيام ففعل، فصار صوم النصارى خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الربيع. واختار هذا القول النحاس وقال: وهو الأشبه بما في الآية. وفيه حديث يدل على صحته أسنده عن دغفل ابن حنظلة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان على النصارى صوم شهر فمرض رجل منهم فقالوا لئن شفاه الله لنزيدن عشرة ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فاه فقالوا لئن شفاه الله لنزيدن سبعة ثم كان ملك آخر فقالوا لنتمن هذه السبعة الأيام ونجعل صومنا في الربيع قال فصار خمسين). وقال مجاهد: كتب الله عز وجل صوم شهر رمضان على كل أمة. وقيل: