الخامسة - قوله تعالى: " فعدة من أيام " في الكلام حذف، أي من يكن منكم مريضا أو مسافرا فأفطر فليقض. والجمهور من العلماء على أن أهل البلد إذا صاموا تسعة وعشرين يوما وفي البلد رجل مريض لم يصح فإنه يقضي تسعة وعشرين يوما. وقال قوم منهم الحسن بن صالح بن حي: إنه يقضي شهرا بشهر من غير مراعاة عدد الأيام. قال الكيا الطبري: وهذا بعيد، لقوله تعالى: " فعدة من أيام أخر " ولم يقل فشهر من أيام أخر.
وقوله: " فعدة " يقتضي استيفاء عدد ما أفطر فيه، ولا شك أنه لو أفطر بعض رمضان وجب قضاء ما أفطر بعده بعدده، كذلك يجب أن يكون حكم إفطاره جميعه في اعتبار عدده.
السادسة - قوله تعالى: " فعدة " ارتفع " عدة " على خبر الابتداء، تقديره فالحكم أو فالواجب عدة، ويصح فعليه عدة. وقال الكسائي: ويجوز فعدة، أي فليصم عدة من أيام.
وقيل: المعنى فعليه صيام عدة، فحذف المضاف وأقيمت العدة مقامة. والعدة فعلة من العد، وهي بمعنى المعدود، كالطحن بمعنى المطحون، تقول: أسمع جعجعة ولا أرى طحنا (1). ومنه عدة المرأة. " من أيام أخر " لم ينصرف " أخر " عند سيبويه، لأنها معدولة عن الألف واللام، لان سبيل فعل من هذا الباب أن يأتي بالألف واللام، نحو الكبر والفضل. وقال الكسائي:
هي معدولة عن آخر، كما تقول: حمراء وحمر، فلذلك لم تنصرف. وقيل: منعت من الصرف لأنها على وزن جمع وهي صفة لأيام، ولم تجئ أخرى لئلا يشكل بأنها صفة للعدة. وقيل: إن " أخر " جمع أخرى كأنه أيام أخرى ثم كثرت فقيل: أيام أخر. وقيل: إن نعت الأيام يكون مؤنثا فلذلك نعتت بأخر.
السابعة - اختلف الناس في وجوب تتابعها على قولين ذكرهما الدارقطني في " سننه "، فروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت " فعدة من أيام أخر متتابعات " فسقطت (2) " متتابعات " قال هذا إسناد صحيح. وروي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله