أحدهما: أنه نهى عن السؤال عمن عصى وكفر من الاحياء، لأنه قد يتغير حاله فينتقل عن الكفر إلى الايمان، وعن المعصية إلى الطاعة.
والثاني - وهو الأظهر، أنه نهى عن السؤال عمن مات على كفره ومعصيته، تعظيما لحاله وتغليظا لشأنه، وهذا كما يقال: لا تسأل عن فلان! أي قد بلغ فوق ما تحسب.
وقرأ ابن مسعود " ولن تسأل ". وقرأ أبي " وما تسأل "، ومعناهما موافق لقراءة الجمهور، نفى أن يكون مسؤولا عنهم. وقيل: إنما سأل أي أبويه أحدث موتا، فنزلت.
وقد ذكرنا في كتاب " التذكرة " أن الله تعالى أحيا له أباه وأمه وآمنا به، وذكرنا قوله عليه السلام للرجل: (إن أبى وأباك في النار) وبينا ذلك، والحمد لله.
قوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا نصير (120).
قوله تعالى: " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ". فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " المعنى: ليس غرضهم يا محمد بما يقترحون من الآيات أن يؤمنوا، بل لو أتيتهم بكل ما يسألون لم يرضوا عنك، وإنما يرضيهم ترك ما أنت عليه من الاسلام واتباعهم. يقال:
رضي يرضى رضا ورضا ورضوانا ورضوانا ومرضاة، وهو من ذوات الواو، ويقال في التثنية: رضوان، وحكى الكسائي: رضيان. وحكي رضاء ممدود، وكأنه مصدر راضى يراضي مراضاة ورضاء. و " تتبع " منصوب بأن ولكنها لا تظهر مع حتى، قاله الخليل.
وذلك أن حتى خافضة للاسم، كقوله: " حتى مطلع الفجر " وما يعمل في الاسم لا يعمل في الفعل ألبتة، وما يخفض اسما لا ينصب شيئا. وقال النحاس: " تتبع " منصوب بحتى، و " حتى " بدل من أن. والملة: اسم لما شرعه الله لعباده في كتبه وعلى ألسنة رسله.