الدية). وقال الحسن: عذابه أن يرد الدية فقط ويبقى إثمه إلى عذاب الآخرة. وقال عمر بن عبد العزيز: أمره إلى الامام يصنع فيه ما يرى. وفي سنن الدارقطني عن أبي شريح الخزاعي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أصيب بدم أو خبل - والخبل عرج - فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ العقل فإن قبل شيئا من ذلك ثم عدا بعد ذلك فله النار خالدا فيها مخلدا).
قوله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون (179).
فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " ولكم في القصاص حياة " هذا من الكلام البليغ الوجيز كما تقدم. ومعناه: لا يقتل بعضكم بعضا، رواه سفيان عن السدي عن أبي مالك. والمعنى:
أن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه ازدجر من يريد قتل آخر، مخافة أن يقتص منه فحييا بذلك معا. وكانت العرب إذا قتل الرجل الاخر حمي قبيلاهما وتقاتلوا، وكان ذلك داعيا إلى قتل العدد الكثير، فلما شرع الله القصاص قنع الكل به وتركوا الاقتتال، فلهم في ذلك حياة.
الثانية - اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لاحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وإنما ذلك لسلطان أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض.
الثالثة - وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدى على أحد من رعيته، إذ هو واحد منهم، وإنما له مزية النظر لهم كالوصي والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص، وليس بينهم وبين العامة فرق في أحكام الله عز وجل، لقوله جل ذكره: " كتب عليكم القصاص في القتلى "، وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملا قطع يده: لئن كنت صادقا لأقيدنك منه. وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري