الفاء جاز أن ترفعها بالابتداء، وأن ترفعها على ما لم يسم فاعله، أي كتب عليكم الوصية.
ولا يصح عند جمهور النحاة أن تعمل " الوصية " في " إذا " لأنها في حكم الصلة للمصدر الذي هو الوصية وقد تقدمت، فلا يجوز أن تعمل فيها متقدمة. ويجوز أن يكون العامل في " إذا ": " كتب " والمعنى: توجه إيجاب الله إليكم ومقتضى كتابه إذا حضر، فعبر عن توجه الايجاب بكتب لينتظم إلى هذا المعنى أنه مكتوب في الأزل. ويجوز أن يكون العامل في " إذا " الايصاء يكون مقدرا دل على الوصية، المعنى: كتب عليكم الايصاء إذا.
الرابعة - قوله تعالى: " خيرا " الخير هنا المال من غير خلاف، واختلفوا في مقداره، فقيل: المال الكثير، روي ذلك عن علي وعائشة وابن عباس وقالوا سبعمائة دينار إنه قليل. قتادة عن الحسن: الخير ألف دينار فما فوقها. الشعبي ما بين خمسمائة دينار إلى ألف. والوصية عبارة عن كل شئ يؤمر بفعله ويعهد به في الحياة وبعد الموت. وخصصها العرف بما يعهد بفعله وتنفيذه بعد الموت، والجمع وصايا كالقضايا جمع قضية. والوصي يكون الموصي والموصى إليه، وأصله من وصى مخففا. وتواصى النبت تواصيا إذا اتصل. وأرض واصية: متصلة النبات. وأوصيت له بشئ وأوصيت إليه إذا جعلته وصيك. والاسم الوصاية والوصاية (بالكسر والفتح). وأوصيته ووصيته أيضا توصية بمعنى، والاسم الوصاة. وتواصى القوم أوصى بعضهم بعضا. وفي الحديث: (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان (1) عندكم). ووصيت الشئ بكذا إذا وصلته به.
الخامسة - اختلف العلماء في وجوب الوصية على من خلف مالا، بعد إجماعهم على أنها واجبة على من قبله ودائع وعليه ديون. وأكثر العلماء على أن الوصية غير واجبة على من ليس قبله شئ من ذلك، وهو قول مالك والشافعي والثوري، موسرا كان الموصى أو فقيرا. وقالت طائفة: الوصية واجبة على ظاهر القرآن، قال الزهدي وأبو مجلز، قليلا كان المال أو كثيرا. وقال أبو ثور: ليست الوصية واجبة إلا على رجل عليه دين أو عنده مال