نبيه عليه السلام، فقال عليه السلام: (الثلث والثلث كثير)، وقد تقدم ما للعلماء في هذا.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في حسناتكم ليجعلها لكم زكاة). أخرجه الدارقطني عن أبي أمامة عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحسن: لا تجوز وصية إلا في الثلث، وإليه ذهب البخاري واحتج بقوله تعالى: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله (1) " [المائدة: 49] وحكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الثلث كثير هو الحكم بما أنزل الله. فمن تجاوز ما حده رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد على الثلث فقد أتى ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وكان بفعله ذلك عاصيا إذا كان بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عالما. وقال الشافعي: وقوله (الثلث كثير) يريد أنه غير قليل.
التاسعة عشرة - قوله تعالى: " حقا " يعني ثابتا ثبوت نظر وتحصين، لا ثبوت فرض ووجوب، بدليل قوله: " على المتقين " وهذا يدل على كونه ندبا، لأنه لو كان فرضا لكان على جميع المسلمين، فلما خص الله من يتقي، أي يخاف تقصيرا، دل على أنه غير لازم إلا فيما يتوقع تلفه إن مات، فيلزمه فرضا المبادرة بكتبه والوصية به، لأنه إن سكت عنه كان تضييعا له وتقصيرا منه، وقد تقدم هذا المعنى. وانتصب " حقا " على المصدر المؤكد، ويجوز في غير القرآن " حق " بمعنى ذلك حق.
الموفية عشرين - قال العلماء: المبادرة بكتب الوصية ليست مأخوذة من هذه الآية وإنما هي من حديث ابن عمر. وفائدتها: المبالغة في زيادة الاستيثاق وكونها مكتوبة مشهودا بها وهي الوصية المتفق على العمل بها، فلو أشهد العدول وقاموا بتلك الشهادة لفظا لعمل بها وإن لم تكتب خطا، فلو كتبها بيده ولم يشهد فلم يختلف قول مالك أنه لا يعمل بها إلا فيما يكون فيها من إقرار بحق لمن لا يتهم عليه فيلزمه تنفيذه.
الحادية والعشرون - روى الدارقطني عن أنس بن مالك قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم (هذا ما أوصى به فلان بن فلان أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،