(جي عنها). فقولها: شهرين، يبعد أن يكون رمضان، والله أعلم. وأقوى ما يحتج به لمالك أنه عمل أهل المدينة، ويعضده القياس الجلي، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا تفعل عمن وجبت عليه كالصلاة. ولا ينقص هذا بالحج لان للمال فيه مدخلا.
السادسة عشرة - استدل بهذه الآية من قال: إن الصوم لا ينعقد في السفر وعليه القضاء أبدا، فإن الله تعالى يقول: " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " أي فعليه عدة، ولا حذف في الكلام ولا إضمار. [وبقوله (1) عليه الصلاة والسلام:
(ليس من البر الصيام في السفر) قال: ما لم يكن من البر فهو من الاثم، فيدل ذلك على أن صوم رمضان لا يجوز في السفر]. والجمهور يقولون: فيه محذوف فأفطر، كما تقدم.
وهو الصحيح، لحديث أنس قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، رواه مالك عن حميد الطويل عن أنس. وأخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم).
قوله تعالى: " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون " فيه خمس مسائل:
الأولى قوله تعالى: " وعلى الذين يطيقونه " قرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء، وأصله يطوقونه نقلت الكسرة إلى الطاء وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وقرأ حميد على الأصل من غير اعتلال، والقياس الاعتلال. ومشهور قراءة ابن عباس " يطوقونه " بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو بمعنى يكلفونه. وقد روى مجاهد " يطيقونه " بالياء بعد الطاء على لفظ " يكيلونه " وهي باطلة ومحال، لان الفعل مأخوذ من الطوق، فالواو لازمة واجبة فيه ولا مدخل للياء في هذا المثال. قال أبو بكر الأنباري: وأنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لأبي ذؤيب:
فقيل تحمل فوق طوقك إنها * مطبعة (2) من يأتها لا يضيرها