قوله تعالى: " ذلك " " ذلك " في موضع رفع، وهو إشارة إلى الحكم، كأنه قال:
ذلك الحكم بالنار. وقال الزجاج: تقديره الامر ذلك، أو ذلك الامر، أو ذلك العذاب لهم. قال الأخفش: وخبر " ذلك " مضمر، معناه ذلك معلوم لهم. وقيل: محله نصب، معناه فعلنا ذلك بهم. " بأن الله نزل الكتاب " يعني القرآن في هذا الموضع " بالحق " أي بالصدق. وقيل بالحجة. " وإن الذين اختلفوا في الكتاب " يعني التوراة، فادعى النصارى أن فيها صفة عيسى، وأنكر اليهود صفته. وقيل: خالفوا آباءهم وسلفهم في التمسك بها.
وقيل: خالفوا ما في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم واختلفوا فيها. وقيل: المراد القرآن، والذين اختلفوا كفار قريش، يقول بعضهم: هو سحر، وبعضهم يقول: أساطير الأولين، وبعضهم: مفترى، إلى غير ذلك. وقد تقدم القول في معنى الشقاق، والحمد لله (1).
قوله تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون (177).
فيه ثمان مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " ليس البر " اختلف من المراد بهذا الخطاب، فقال قتادة:
ذكر لنا أن رجلا سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر، فأنزل الله هذه الآية. قال:
وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم مات على ذلك وجبت له الجنة، فأنزل الله هذه الآية. وقال الربيع وقتادة أيضا: الخطاب لليهود