أشبه بالسنة من غيره. قال ابن المنذر: واتفق قول مالك والثوري والكوفيين والشافعي وأبي ثور أنهم إذا أجازوا ذلك بعد وفاته لزمهم.
السادسة عشرة - واختلفوا في الرجل يوصي لبعض ورثته بمال، ويقول في وصيته:
إن أجازها الورثة فهي له، وإن لم يجيزوه فهو في سبيل الله، فلم يجيزوه. فقال مالك: إن لم تجز الورثة ذلك رجع إليهم. وفي قول الشافعي وأبي حنيفة ومعمر صاحب عبد الرزاق يمضي في سبيل الله.
السابعة عشرة - لا خلاف في وصية البالغ العاقل غير المحجور عليه، واختلف في غيره، فقال مالك: الامر المجمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به. وكذلك الصبي الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ولم يأت بمنكر من القول فوصيته جائزة ماضية. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تجوز وصية الصبي. وقال المزني: وهو قياس قول الشافعي، ولم أجد للشافعي في ذلك شيئا ذكره ونص عليه. واختلف أصحابه على قولين: أحدهما كقول مالك، والثاني كقول أبي حنيفة. وحجتهم أنه لا يجوز طلاقه ولا عتاقه ولا يقتص منه في جناية ولا يحد في قذف، فليس كالبالغ المحجور عليه، فكذلك وصيته. قال أبو عمر:
قد اتفق هؤلاء على أن وصية البالغ المحجور عليه جائزة. ومعلوم أن من يعقل من الصبيان ما يوصي به فحاله حال المحجور عليه في ماله، وعلة الحجر تبذير المال وإتلافه، وتلك علة مرتفعة عنه بالموت، وهو بالمحجور عليه في ماله أشبه منه بالمجنون الذي لا يعقل، فوجب أن تجوز وصيته مع الامر الذي جاء فيه عن عمر رضي الله عنه. وقال مالك: إنه الامر المجمع عليه عندهم بالمدينة، وبالله التوفيق. وقال محمد بن شريح: من أوصى من صغير أو كبير فأصاب الحق فالله قضاه على لسانه ليس للحق مدفع.
الثامنة عشرة - قوله تعالى: " بالمعروف " يعني بالعدل، لا وكس فيه ولا شطط، وكان هذا موكولا إلى اجتهاد الميت ونظر الموصي، ثم تولى الله سبحانه تقدير ذلك على لسان