الحادية عشرة - وفيها دليل على أن القرآن كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شئ وفي حال بعد حال، على حسب الحاجة إليه، حتى أكمل الله دينه، كما قال:
" اليوم أكملت لكم دينكم (1) ".
قوله تعالى: " قل لله المشرق والمغرب " أقامه حجة، أي له ملك المشارق والمغارب وما بينهما، فله أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء، وقد تقدم.
قوله تعالى: " يهدى من يشاء " إشارة إلى هداية الله تعالى هذه الأمة إلى قبلة إبراهيم، والله تعالى أعلم. والصراط. الطريق. والمستقيم: الذي لا اعوجاج فيه، وقد تقدم (2).
قوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن يتقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم (143).
فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " وكذلك جعلنا كم أمة وسطا " المعنى: وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم. والوسط:
العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها. وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال:
(عدلا). قال: هذا حديث حسن صحيح. وفي التنزيل: " قال أوسطهم (3) " أي أعدلهم وخيرهم. وقال زهير:
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم * إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم