في الشمس فسأل عنه، فقالوا: هو أبو إسرائيل (1)، نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه).
فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ما كان غير قربة مما لا أصل له في شريعته، وصحح ما كان قربة مما له نظير في الفرائض والسنن.
قوله تعالى: وقتلوا في سبيل الله الذين يقتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " وقاتلوا " هذه الآية أول آية نزلت في الامر بالقتال، ولا خلاف في أن القتال كان محظورا قبل الهجرة بقوله: " ادفع بالتي هي أحسن " (2) [فصلت: 34] وقوله:
" فاعف عنهم واصفح " (3) [المائدة: 13] وقوله: " واهجرهم هجرا جميلا " (4) [المزمل: 10] وقوله: " لست عليهم بمسيطر " (5) [الغاشية: 22] وما كان مثله مما نزل بمكة. فلما هاجر إلى المدينة أمر بالقتال فنزل: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " قاله الربيع بن أنس وغيره. وروي عن أبي بكر الصديق أن أول آية نزلت في القتال: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا " (6) [الحج: 39]. والأول أكثر، وأن آية الاذن إنما نزلت في القتال عامة لمن فاتل ولمن لم يقاتل من المشركين، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه إلى مكة للعمرة، فلما نزل الحديبية بقرب مكة - والحديبية اسم بئر، فسمى ذلك الموضع باسم تلك البئر - فصده المشركون عن البيت، وأقام بالحديبية شهرا، فصالحوه على أن يرجع من عامه ذلك كما جاء، على أن تخلى له مكة في العام المستقبل ثلاثة أيام، وصالحوه على ألا يكون بينهم قتال عشر سنين، ورجع إلى المدينة. فلما كان من قابل تجهز لعمرة القضاء، وخاف المسلمون غدر الكفار وكرهوا القتال في الحرم وفي الشهر الحرام، فنزلت هذه الآية، أي يحل لكم القتال إن قاتلكم الكفار. فالآية متصلة بما سبق من ذكر الحج وإتيان البيوت