بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان. وقال سحنون: إن ذلك على الوجوب، فإن خرج ليلة الفطر بطل اعتكافه. وقال ابن الماجشون: وهذا يرده ما ذكرنا من انقضاء الشهر، ولو كان المقام ليلة الفطر من شرط صحة الاعتكاف لما صح اعتكاف لا يتصل بليلة الفطر، وفى الاجماع على جواز ذلك دليل على أن مقام ليلة الفطر للمعتكف ليس شرطا في صحة الاعتكاف. فهذه جمل كافية من أحكام الصيام والاعتكاف اللائقة بالآيات، فيها لمن اقتصر عليها كفاية، والله الموفق للهداية.
الخامسة والثلاثون - قوله تعالى: " تلك حدود الله " أي هذه الأحكام حدود الله فلا تخالفوها، ف " تلك " إشارة إلى هذه الأوامر والنواهي. والحدود: الحواجز. والحد:
المنع، ومنه سمى الحديد حديدا، لأنه يمنع من وصول السلاح إلى البدن. وسمى البواب والسجان حدادا، لأنه يمنع من في الدار من الخروج منها، ويمنع الخارج من الدخول فيها.
وسميت حدود الله لأنها تمنع أن يدخل فيها ما ليس منها، وأن يخرج منها هو منها، ومنها سميت الحدود في المعاصي، لأنها تمنع أصحابهما من العود إلى أمثالها. ومنه سميت الحاد في العدة، لأنها تمتنع من الزينة.
السادسة والثلاثون - قوله تعالى: " كذلك يبين الله آياته للناس " أي كما بين هذه الحدود يبين جميع الأحكام لتتقوا مجاوزتها. والآيات: العلامات الهادية إلى الحق.
و " لعلهم " ترج في حقهم، فظاهر ذلك عموم ومعناه خصوص فيمن يسره الله للهدى، بدلالة الآيات التي تتضمن أن الله يضل من يشاء.
قوله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون (188) فيه ثماني مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم " قيل: إنه نزل في عبدان ابن أشوع الحضرمي، ادعى ملا امرئ القيس الكندي واختصما إلى النبي صلى الله عليه (22 - 2)