قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم (105).
قوله تعالى: " ما يود " أي ما يتمنى، وقد تقدم (1). " الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين " معطوف على " أهل ". ويجوز: ولا المشركون، تعطفه على الذين، قاله النحاس.
" أن ينزل عليكم من خير " " من " زائدة، " خير " اسم ما لم يسم فاعله. و " أن " في موضع نصب، أي بأن ينزل. " والله يختص برحمته من يشاء " قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " يختص برحمته " أي بنبوته، خص بها محمدا صلى الله عليه وسلم. وقال قوم: الرحمة القرآن وقيل: الرحمة في هذه الآية عامة لجميع أنواعها التي قد منحها الله عباده قديما وحديثا، يقال: رحم يرحم إذا رق. والرحم والمرحمة والرحمة بمعنى، قاله ابن فارس. ورحمة الله لعباده:
إنعامه عليهم وعفوه لهم. " والله ذو الفضل العظيم " " ذو " بمعنى صاحب.
قوله تعالى: ما ننسخ من اية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير (106).
فيه خمس عشرة مسألة:
الأولى - قوله تعالى: " ما ننسخ من آية أو ننسها " " ننسها " عطف على " ننسخ " وحذفت الياء للجزم. ومن قرأ " ننساها " حذف الضمة من الهمزة للجزم، وسيأتي معناه. " نأت " جواب الشرط، وهذه آية عظمي في الاحكام. وسببها أن اليهود لما حسدوا المسلمين في التوجه إلى الكعبة وطعنوا في الاسلام بذلك، وقالوا: إن محمدا يأمر أصحابه بشئ ثم ينهاهم عنه، فما كان هذا القرآن إلا من جهته، ولهذا يناقض بعضه بعضا، فأنزل الله: " وإذا بدلنا آية مكان آية (2) " وأنزل " ما ننسخ من آية ".