أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ عليه آية الكرسي، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ويغتسل به، فإنه يذهب عنه كل ما به، إن شاء الله تعالى، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله.
الرابعة عشرة - أنكر معظم المعتزلة الشياطين والجن، ودل إنكارهم على قلة مبالاتهم وركاكة دياناتهم، وليس في إثباتهم مستحيل عقلي، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على إثباتهم، وحق على اللبيب المعتصم بحبل الله أن يثبت ما قضى العقل بجوازه، ونص الشرع على ثبوته، قال الله تعالى: " ولكن الشياطين كفروا " وقال: " ومن الشياطين من يغوصون (1) له " إلى غير ذلك، من الآي، وسورة " الجن " تقضي بذلك، وقال عليه السلام: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم). وقد أنكر هذا الخبر كثير من الناس، وأحالوا روحين في جسد، والعقل لا يحيل سلوكهم في الانس إذا كانت أجسامهم رقيقة بسيطة على ما يقوله بعض الناس بل أكثرهم، ولو كانوا كثافا لصح ذلك أيضا منهم، كما يصح دخول الطعام والشراب في الفراغ من الجسم، وكذلك الديدان قد تكون في بني آدم وهي أحياء.
الخامسة عشرة - قوله تعالى: " وما أنزل على الملكين " " ما " نفي، والواو للعطف على قوله: " وما كفر سليمان " وذلك أن اليهود قالوا: إن الله أنزل جبريل وميكائيل بالسحر، فنفى الله ذلك. وفي الكلام تقديم وتأخير، التقدير وما كفر سليمان، وما أنزل على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت، فهاروت وماروت بدل من الشياطين في قوله: " ولكن الشياطين كفروا ". هذا أولى ما حملت عليه الآية من التأويل، وأصح ما قيل فيها ولا يلتفت إلى سواه، فالسحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم، ودقة أفهامهم، وأكثر ما يتعاطاه من الانس النساء وخاصة في حال طمثهن، قال الله تعالى: " ومن شر النفاثات في العقد (2) ". وقال الشاعر:
أعوذ بربي من النافثات *..............
السادسة عشرة - إن قال قائل: كيف يكون اثنان بدلا من جمع والبدل إنما يكون على حد المبدل منه، فالجواب من وجوه ثلاثة، الأول: أن الاثنين قد يطلق عليهما اسم