فعرجت فمسخت كوكبا. وقال سالم عن أبيه عن عبد الله: فحدثني كعب الحبر أنهما لم يستكملا يومهما حتى عملا بما حرم الله عليهما. وفي غير هذا الحديث: فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا، فهما يعذبان ببابل في سرب من الأرض. قيل: بابل العراق. وقيل:
بابل نهاوند، وكان ابن عمر فيما يروي عن عطاء أنه كان إذا رأى الزهرة وسهيلا سبهما وشتمهما، ويقول: إن سهيلا كان عشارا (1) باليمن يظلم الناس، وإن الزهرة كانت صاحبة هاروت وماروت.
قلنا: هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره، لا يصح منه شئ، فإنه قول تدفعه الأصول في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه، وسفراؤه إلى رسله " لا يعصون الله ما أمر هم ويفعلون ما يؤمرون (2) ". " بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون (3) ".
" يسبحون الليل والنهار لا يفترون (3) ". وأما العقل فلا ينكر وقوع المعصية من الملائكة ويوجد منهم خلاف ما كلفوه، ويخلق فيهم الشهوات، إذ في قدرة الله تعالى كل موهوم، ومن هذا خوف الأنبياء والأولياء الفضلاء العلماء، ولكن وقوع هذا الجائز لا يدرك إلا بالسمع ولم يصح. ومما يدل على عدم صحته أن الله تعالى خلق النجوم وهذه الكواكب حين خلق السماء، ففي الخبر: (أن السماء لما خلقت خلق فيها سبعة دوارة زحل والمشتري وبهرام وعطارد والزهرة والشمس والقمر ". وهذا معنى قول الله تعالى: " وكل في فلك يسبحون (3) ".
فثبت بهذا أن الزهرة وسهيلا قد كانا قبل خلق آدم، ثم إن قول الملائكة: " ما كان ينبغي لنا " عورة (4): لا تقدر على فتنتنا، وهذا كفر نعوذ بالله منه ومن نسبته إلى الملائكة الكرام صلوات الله عليهم أجمعين، وقد نزهناهم وهم المنزهون عن كل ما ذكره ونقله المفسرون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
السابعة عشرة - قرأ ابن عباس وابن أبزي والضحاك والحسن: " الملكين " بكسر اللام. قال ابن أبزى: هما داود وسليمان. ف " ما " على هذا القول أيضا نافية، وضعف هذا القول ابن العربي. وقال الحسن: هما علجان كانا ببابل ملكين، ف " ما " على هذا القول مفعولة غير نافية.