السادسة - أجمع العلماء على أن رجلا من غير أهل مكة لو قدم مكة معتمرا في أشهر الحج عازما على الإقامة بها ثم أنشأ الحج من عامه فحج أنه متمتع، عليه ما على المتمتع. وأجمعوا في المكي يجئ من وراء الميقات محرما بعمرة، ثم ينشئ الحج من مكة وأهله بمكة ولم يسكن سواها أنه لا دم عليه، وكذلك إذا سكن غيرها وسكنها وكان له فيها أهل وفي غيرها. وأجمعوا على أنه إن انتقل من مكة بأهله ثم قدمها في أشهر الحج معتمرا فأقام بها حتى حج من عامه أنه متمتع.
السابعة - واتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والثوري وأبو ثور على أن المتمتع يطوف لعمرته بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، وعليه بعد أيضا طواف آخر لحجه وسعي بين الصفا والمروة. وروي عن عطاء وطاوس أنه يكفيه سعى واحد بين الصفا والمروة، والأول المشهور، وهو الذي عليه الجمهور، وأما طواف القارن فقد تقدم.
الثامنة - واختلفوا فيمن أنشأ عمرة في غير أشهر الحج ثم عمل لها في أشهر الحج، فقال مالك: عمرته في الشهر الذي حل فيه، يريد إن كان حل منها في غير أشهر الحج فليس بمتمتع، وإن كان حل منها في أشهر الحج فهو متمتع إن حج من عامه. وقال الشافعي: إذا طاف بالبيت في الأشهر الحرم للعمرة فهو متمتع إن حج من عامه، وذلك أن العمرة إنما تكمل بالطواف بالبيت، وإنما ينظر إلى كمالها، وهو قول الحسن البصري والحكم بن عيينة وابن شبرمة وسفيان الثوري.
وقال قتادة وأحمد وإسحاق: عمرته للشهر الذي أهل فيه، وروي معنى ذلك عن جابر ابن عبد الله. وقال طاوس: عمرته للشهر الذي يدخل فيه الحرم. وقال أصحاب الرأي: إن طاف لها ثلاثة أشواط في رمضان، وأربعة أشواط في شوال فحج من عامه أنه متمتع. وإن طاف في رمضان أربعة أشواط، وفي شوال ثلاثة أشواط لم يكن متمتعا. وقال أبو ثور: إذا دخل في العمرة في غير أشهر الحج فسواء أطاف لها في رمضان أو في شوال لا يكون بهذه العمرة متمتعا. وهو معنى قول احمد وإسحاق: عمرته للشهر الذي أهل فيه.