(يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك). أخرجه مسلم - أو طاف طوافين وسعى سعيين، عند من رأى ذلك، وهو أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والحسن ابن صالح وابن أبي ليلى، وروي عن علي وابن مسعود، وبه قال الشعبي وجابر بن زيد.
واحتجوا بأحاديث عن علي عليه السلام أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل. أخرجهما الدارقطني في سننه وضعفها كلها، وإنما جعل القران من باب التمتع، لان القارن يتمتع بترك النصب في السفر إلى العمرة، مرة وإلى الحج أخرى، ويتمتع بجمعهما، ولم يحرم لكل واحدة من ميقاته، وضم الحج إلى العمرة، فدخل تحت قول الله عز وجل: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى ". وهذا وجه من التمتع لا خلاف بين العلماء في جوازه. وأهل المدينة لا يجيزون الجمع بين العمرة والحج إلا بسياق الهدى، وهو عندهم بدنة لا يجوز دونها. ومما يدل على أن القران تمتع قول ابن عمر: إنما جعل القران لأهل الآفاق، وتلا قول الله عز وجل: " ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام " فمن كان من حاضري المسجد الحرام وتمتع أو قرن لم يكن عليه دم قران ولا تمتع. قال مالك: وما سمعت أن مكيا قرن، فإن فعل لم يكن عليه هدى ولا صيام، وعلى قول مالك جمهور الفقهاء في ذلك. وقال عبد الملك بن الماجشون:
إذا قرن المكي الحج مع العمرة كان عليه دم القران من أجل أن الله إنما أسقط عن أهل مكة الدم والصيام في التمتع.
والوجه الثالث من التمتع: هو الذي توعد عليه عمر بن الخطاب وقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج.
وقد تنازع العلماء في جواز هذا بعد هلم (1) جرا، وذلك أن يحرم الرجل بالحج حتى إذا دخل مكة فسخ حجه في عمرة، ثم حل وأقام حلالا حتى يهل بالحج يوم التروية (2). فهذا هو الوجه الذي