والوجه الرابع من المتعة: متعة المحصر ومن صد عن البيت، ذكر يعقوب بن شيبة قال حدثنا أبو سلمة التبوذكي حدثنا وهيب حدثنا إسحاق بن سويد قال سمعت عبد الله ابن الزبير وهو يخطب يقول: أيها الناس، إنه والله ليس التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون، ولكن التمتع أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج، فيأتي البيت فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يتمتع بحله إلى العام المستقبل ثم يحج ويهدي.
وقد مضى القول في حكم المحصر وما للعلماء في ذلك مبينا، والحمد لله.
فكان من مذهبه أن المحصر لا يحل ولكنه يبقى على إحرامه حتى يذبح عنه الهدى يوم النحر، ثم يحلق ويبقى على إحرامه حتى يقدم مكة فيتحلل من حجه بعمل عمرة. والذي ذكره ابن الزبير خلاف عموم قوله تعالى: " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " بعد قوله:
" وأتموا الحج والعمرة لله " ولم يفصل في حكم الاحصار بين الحج والعمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين أحصروا بالحديبية حلوا وحل، وأمرهم بالاحلال.
واختلف العلماء أيضا لم سمي المتمتع متمتعا، فقال ابن القاسم: لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج. وقال غيره:
سمي متمتعا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين، وذلك أن حق العمرة أن تقصد بسفر، وحق الحج كذلك، فلما تمتع بإسقاط أحدهما ألزمه الله هديا، كالقارن الذي يجمع بين الحج والعمرة في سفر واحد، والوجه الأول أعم، فإنه يتمتع بكل ما يجوز للحلال أن يفعله، وسقط عنه السفر لحجه من بلده، وسقط عنه الاحرام من ميقاته في الحج. وهذا هو الوجه الذي كرهه عمر وابن مسعود، وقالا أو قال أحدهما: يأتي أحدكم مني وذكره يقطر منيا، وقد أجمع المسلمون على جواز هذا. وقد قال جماعة من العلماء: إنما كرهه عمر لأنه أحب أن يزار البيت في العام مرتين: مرة في الحج، ومرة في العمرة. ورأى الافراد أفضل، فكان يأمر به ويميل إليه