وقالت طائفة: إذا فاته الصوم في العشر لم يجزه إلا الهدى. روي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد، وحكاه أبو عمر عن أبي حنيفة وأصحابه عنه، فتأمله.
الثالثة - أجمع العلماء على أن الصوم لا سبيل للمتمتع إليه إذا كان يجد الهدى، واختلفوا فيه إذا كان غير واجد للهدى فصام ثم وجد الهدى قبل إكمال صومه، فذكر ابن وهب عن مالك قال: إذا دخل في الصوم ثم وجد هديا فأحب إلي أن يهدي، فإن لم يفعل أجزاه الصيام. وقال الشافعي: يمضي في صومه وهو فرضه، وكذلك قال أبو ثور، وهو قول الحسن وقتادة، واختاره ابن المنذر. وقال أبو حنيفة: إذا أيسر في اليوم الثالث من صومه بطل الصوم ووجب عليه الهدى، وإن صام ثلاثة أيام في الحج ثم أيسر كان له أن يصوم السبعة الأيام لا يرجع إلى الهدى، وبه قال الثوري وابن أبي نجيح وحماد.
الرابعة - قوله تعالى: " وسبعة " قراءة الجمهور بالخفض على العطف. وقرأ زيد ابن علي " وسبعة " بالنصب، على معنى: وصوموا سبعة.
الخامسة - قوله تعالى: " إذا رجعتم " يعنى إلى بلادكم، قاله ابن عمر وقتادة والربيع ومجاهد وعطاء، وقال مالك في كتاب محمد، وبه قال الشافعي. قال قتادة والربيع: هذه رخصة من الله تعالى، فلا يجب أحد صوم السبعة إلا إذا وصل وطنه، إلا أن يتشدد أحد، كما يفعل من يصوم في السفر في رمضان. وقال أحمد وإسحاق: يجزيه الصوم في الطريق، وروي عن مجاهد وعطاء. قال مجاهد: إن شاء صامها في الطريق، إنما هي رخصة، وكذلك قال عكرمة والحسن. والتقدير عند بعض أهل اللغة: إذا رجعتم من الحج، أي إذا رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل الاحرام من الحل. وقال مالك في الكتاب: إذا رجع من منى فلا بأس أن يصوم وقال ابن العربي: " إن كان تخفيفا ورخصة فيجوز تقديم الرخص وترك (1) الرفق فيها إلى العزيمة إجماعا. وإن كان ذلك توقيتا فليس فيه نص، ولا ظاهر أنه أراد البلاد، وأنها المراد في الأغلب (2). "