الثانية عشرة - واختلف مالك والشافعي في المتمتع يموت، فقال الشافعي: إذا أحرم بالحج وجب عليه دم المتعة إذا كان واجدا لذلك، حكاه الزعفراني عنه. وروى ابن وهب عن مالك أنه سئل عن المتمتع يموت بعد ما يحرم بالحج بعرفة أو غيرها، أترى عليه هديا؟
قال: من مات من أولئك قبل أن يرمي جمرة العقبة فلا أرى عليه هديا، ومن رمى الجمرة ثم مات فعليه الهدى. قيل له: من رأس المال أو من الثلث؟ قال: بل من وأس المال.
الثالثة عشرة - قوله تعالى: " فمن استيسر من الهدى " قد تقدم الكلام فيه.
قوله تعالى: " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ".
فيه عشر مسائل:
الأولى قوله تعالى: " فمن لم يجد " يعني الهدى، إما لعدم المال أو لعدم الحيوان، صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده. والثلاثة الأيام في الحج آخرها يوم عرفة، هذا قول طاوس، وروي عن الشعبي وعطاء ومجاهد والحسن البصري والنخعي وسعيد بن جبير وعلقمة وعمرو بن دينار وأصحاب الرأي، حكاه ابن المنذر. وحكى أبو ثور عن أبي حنيفة يصومها في إحرامه بالعمرة، لأنه أحد إحرامي التمتع، فجاز صوم الأيام فيه كإحرامه بالحج. وقال أبو حنيفة أيضا وأصحابه: يصوم قبل يوم التروية يوما، ويوم التروية ويوم عرفة. وقال ابن عباس ومالك بن أنس: له أن يصومها منذ يحرم بالحج إلى يوم النحر، لان الله تعالى قال:
" فصيام ثلاثة أيام في الحج " فإذا صامها في العمرة فقد أتاه قبل وقته فلم يجزه. وقال الشافعي وأحمد بن حنبل: يصومهن ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة، وهو قول ابن عمر وعائشة، وروي هذا عن مالك، وهو مقتضى قوله في موطئه، ليكون يوم عرفة مفطرا، فذلك أتبع للسنة، وأقوى على العبادة، وسيأتي. وعن أحمد أيضا: جائز أن يصوم الثلاثة قبل أن يحرم. وقال الثوري والأوزاعي: يصومهن من أول أيام العشر، وبه قال عطاء. وقال عروة: يصومها ما دام بمكة في أيام منى، وقاله أيضا مالك وجماعة من أهل المدينة.