قلت: وقد قال علماؤنا: من ضاق عليه الوقت وصلى الصبح وترك ركعتي الفجر فإنه يصليهما بعد طلوع الشمس إن شاء. وقيل: لا يصليهما حينئذ. ثم إذا قلنا: يصليهما فهل ما يفعله قضاء، أو ركعتان ينوب له ثوابهما عن ثواب ركعتي الفجر. قال الشيخ أبو بكر:
وهذا الجاري على أصل المذهب، وذكر القضاء تجوز.
قلت: ولا يبعد أن يكون حكم صلاة الفطر في اليوم الثاني على هذا الأصل، لا سيما مع كونها مرة واحدة في السنة مع ما ثبت من السنة. روى النسائي قال: أخبرني عمرو بن علي قال حدثنا يحيى قال حدثنا شعبة قال حدثني أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له:
أن قوما رأوا الهلال فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يفطروا بعد ما ارتفع النهار وأن يخرجوا إلى العيد من الغد. في رواية: ويخرجوا لمصلاهم من الغد.
الثامنة عشرة - قرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو - في بعض ما روي عنه - والحسن وقتادة والأعرج " ولتكملوا العدة " بالتشديد. والباقون بالتخفيف. واختار الكسائي التخفيف، كقوله عز وجل: " اليوم أكملت لكم دينكم (1) " [المائدة: 3]. قال النحاس: وهما لغتان بمعنى واحد، كما قال عز وجل: " فمهل الكافرين أمهلهم رويدا (2) " [الطارق: 17]. ولا يجوز " ولتكلموا " بإسكان اللام، والفرق بين هذا وبين ما تقدم أن التقدير: ويريد لان تكملوا، ولا يجوز حذف أن والكسرة، هذا قول البصريين، ونحوه قول كثير أبو صخر:
* أريد لأنسى ذكرها * أي لان أنسى، وهذه اللام هي الداخلة على المفعول، كالتي في قولك: ضربت لزيد، المعنى ويريد إكمال العدة. وقيل: هي متعلقة بفعل مضمر بعد، تقديره: ولإن تكملوا العدة رخص لكم هذه الرخصة. وهذا قول الكوفيين وحكاه النحاس عن الفراء. قال النحاس:
وهذا قول حسن، ومثله: " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين (3) " [الانعام: 75] أي وليكون من الموقنين فعلنا ذلك. وقيل: الواو مقحمة. وقيل: يحتمل أن تكون هذه اللام لام الامر والواو عاطفة جملة كلام على جملة كلام. وقال أبو إسحاق إبراهيم