وذكره أبو عمر من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن أبي وائل (1) قال: كتب إلينا عمر...، فذكره. قال أبو عمر: وروي عن علي بن أبي طالب مثل ما ذكره عبد الرزاق أيضا، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة ومحمد ابن الحسن والليث والأوزاعي، وبه قال أحمد وإسحاق. وقال سفيان الثوري وأبو يوسف.
إن رؤي بعد الزوال فهو لليلة التي تأتي، وإن رؤي قبل الزوال فهو لليلة الماضية. وروي مثل ذلك عن عمر، ذكره عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن شباك عن إبراهيم قال:
كتب عمر إلى عتبة بن فرقد " إذا رأيتم الهلال نهارا قبل أن تزول الشمس لتمام ثلاثين فأفطروا، وإذا رأيتموه بعد ما تزول الشمس فلا تفطروا حتى تمسوا "، وروي عن علي مثله.
ولا يصح في هذه المسألة شئ من جهة الاسناد عن علي. وروي عن سليمان بن ربيعة مثل قول الثوري، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب، وبه كان يفتي بقرطبة. واختلف عن عمر بن عبد العزيز في هذه المسألة، قال أبو عمر: والحديث عن عمر بمعنى ما ذهب إليه مالك والشافعي وأبو حنيفة متصل، والحديث الذي روي عنه بمذهب الثوري منقطع، والمصير إلى المتصل أولى. وقد احتج من ذهب مذهب الثوري بأن قال: حديث الأعمش مجمل لم يخص فيه قبل الزوال ولا بعده، وحديث إبراهيم مفسر، فهو أولى أن يقال به.
قلت: قد روي مرفوعا معنى ما روي عن عمر متصلا موقوفا روته عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما صبح ثلاثين يوما، فرأى هلال شوال نهارا فلم يفطر حتى أمسى. أخرجه الدارقطني من حديث الواقدي وقال:
قال الواقدي حدثنا معاذ بن محمد الأنصاري قال: سألت الزهري عن هلال شوال إذا رؤي باكرا، قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: إن رؤي هلال شوال بعد أن طلع الفجر إلى العصر أو إلى أن تغرب الشمس فهو من الليلة التي تجئ، قال أبو عبد الله: وهذا مجمع عليه.