ومراعاة هذه القاعدة أولى من مراعاة الألفاظ، والله أعلم. [وقال (1) ابن المنذر: وقال الزهري وحبيب بن أبي ثابت وابن سيرين: لا يقتل اثنان بواحد. روينا ذلك عن معاذ بن جبل وابن الزبير وعبد الملك، قال ابن المنذر: وهذا أصح، ولا حجة مع من أباح قتل جماعة بواحد. وقد ثبت عن ابن الزبير ما ذكرناه (1)].
التاسعة عشرة - روى الأئمة عن أبي شريح الكعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا)، لفظ أبي داود. وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح. وروي عن أبي شريح الخزاعي (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من قتل له قتيل فله أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية). وذهب إلى هذا بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق.
الرابعة عشرة - اختلف أهل العلم في أخذ الدية من قاتل العمد، فقالت طائفة: ولي المقتول بالخيار إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن لم يرض القاتل. يروى هذا عن سعيد ابن المسيب وعطاء والحسن، ورواه أشهب عن مالك، وبه قال الليث والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وحجتهم حديث أبي شريح وما كان في معناه، وهو نص في موضع الخلاف، وأيضا من طريق النظر فإنما لزمته الدية بغير رضاه، لان فرضا عليه إحياء نفسه، وقد قال الله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم (3) " [النساء: 29]. وقوله: " فمن عفي له من أخيه شئ " أي ترك له دمه، في أحد التأويلات، ورضي منه بالدية " فاتباع بالمعروف " أي فعلى صاحب الدم اتباع بالمعروف في المطالبة بالدية، وعلى القاتل أداء إليه بإحسان، أي من غير مماطلة وتأخير عن الوقت " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " أي أن من كان قبلنا لم يفرض الله عليهم غير النفس بالنفس، فتفضل الله على هذه الأمة بالدية إذا رضي بها ولي الدم، على ما يأتي بيانه. وقال