وتأويل خامس (1) - وهو قول علي رضي الله عنه والحسن في الفضل بين دية الرجل والمرأة والحر والعبد، أي من كان له ذلك الفضل فاتباع بالمعروف، و " عفي " في هذا الموضع أيضا بمعنى فضل.
السادسة عشرة - هذه الآية حض من الله تعالى على حسن الاقتضاء من الطالب، وحسن القضاء من المؤدي، وهل ذلك على الوجوب أو الندب. فقراءة الرفع تدل على الوجوب، لان المعنى فعليه اتباع بالمعروف. قال النحاس: " فمن عفي له " شرط والجواب، " فاتباع " وهو رفع بالابتداء، والتقدير فعليه اتباع بالمعروف. ويجوز في غير القرآن " فاتباعا "، و " أداء " بجعلهما مصدرين. قال ابن عطية: وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة " فاتباعا " بالنصب.
والرفع سبيل للواجبات، كقوله تعالى: " فإمساك بمعروف (2) " [البقرة: 229]. وأما المندوب إليه فيأتي منصوبا، كقوله: " فضرب الرقاب (3) " [محمد: 4].
السابع عشرة - قوله تعالى: " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " لان أهل التوراة كان لهم القتل ولم يكن لهم غير ذلك، وأهل الإنجيل كان لهم العفو ولم يكن لهم قود ولا دية، فجعل الله تعالى ذلك تخفيفا لهذه الأمة، فمن شاء قتل، ومن شاء أخذ الدية، ومن شاء عفا.
قوله تعالى: " فمن اعتدى بعد ذلك فله " شرط وجوابه، أي قتل بعد أخذ الدية وسقوط [الدم (4)] قاتل وليه. " فله عذاب أليم " قال الحسن: كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلا فر إلى قومه فيجئ قومه فيصالحون بالدية فيقول ولي المقتول: إني أقبل الدية، حتى يأمن القاتل ويخرج، فيقتله ثم يرمي إليهم بالدية.
واختلف العلماء فيمن تقل بعد أخذ الدية، فقال جماعة من العلماء منهم مالك والشافعي:
هو كمن قتل ابتداء، إن شاء الولي قتله وإن شاء عفا عنه وعذابه في الآخرة. وقال قتادة وعكرمة والسدي وغيرهم: عذابه أن يقتل البتة، ولا يمكن الحاكم الولي من العفو. وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أعفى (5) من قتل بعد أخذ