ضمير من يعقل على غير الأصل. وقال ابن كيسان والزجاج أيضا: معنى " يحبونهم كحب الله " أي يسؤون بين الأصنام وبين الله تعالى في المحبة. قال أبو إسحاق: وهذا القول الصحيح، والدليل على صحته: " والذين آمنوا أشد حبا لله ". وقرأ أبو رجاء " يحبونهم " بفتح الياء.
وكذلك ما كان منه في القرآن، وهي لغة، يقال: حببت الرجل فهو محبوب. قال الفراء:
أنشدني أبو تراب:
أحب لحبها السودان حتى * حببت لحبها سود الكلاب و " من " في قوله " من يتخذ " في موضع رفع بالابتداء، و " يتخذ " على اللفظ، ويجوز في غير القرآن " يتخذون " على المعنى، و " يحبونهم " على المعنى، و " يحبهم " على اللفظ، وهو في موضع نصب على الحال من الضمير الذي في " يتخذ " أي محبين، وإن شئت كان نعتا للأنداد، أي محبوبة. والكاف من " كحب " نعت لمصدر محذوف، أي يحبونهم حبا كحب الله. " والذين آمنوا أشد حبا لله " أي أشد من حب أهل الأوثان لأوثانهم والتابعين لمتبوعهم. وقيل:
إنما قال " والذين آمنوا أشد حبا لله " لان الله تعالى أحبهم أولا ثم أحبوه. ومن شهد له محبوبه بالمحبة كانت محبته أتم، قال الله تعالى: " يحبهم ويحبونه ". وسيأتي بيان حب المؤمنين لله تعالى وحبه لهم في سورة " آل عمران (1) " إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب " قراءة أهل المدينة وأهل الشام بالتاء، وأهل مكة وأهل الكوفة وأبو عمرو بالياء، وهو اختيار أبي عبيد. وفي الآية إشكال وحذف، فقال أبو عبيد: المعنى لو يرى الذين ظلموا في الدنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه أن القوة لله جميعا. و " يرى " على هذا من رؤية البصر. قال النحاس في كتاب " معاني القرآن " له: وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير.
وقال في كتاب " إعراب القرآن " له: وروي عن محمد بن يزيد أنه قال: هذا التفسير الذي جاء به أبو عبيد بعيد، وليست عبارته فيه بالجيدة، لأنه يقدر: ولو يرى الذين ظلموا العذاب، فكأنه يجعله مشكوكا فيه وقد أوجبه الله تعالى، ولكن التقدير وهو قول الأخفش: