ولو يرى الذين ظلموا أن القوة لله. و " يرى " بمعنى يعلم، أي لو يعلمون حقيقة قوة الله عز وجل وشدة عذابه، ف " يرى " واقعة على أن القوة لله، وسدت مسد المفعولين. و " الذين " فاعل " يرى "، وجواب " لو " محذوف، أي لتبينوا ضرر اتخاذهم الالهة، كما قال عز وجل.
" ولو ترى إذ وقفوا (1) على ربهم "، " ولو ترى إذ وقفوا على النار (1) " ولم يأت ل " لو " جواب.
قال الزهري وقتادة: الاضمار أشد للوعيد، ومثله قول القائل: لو رأيت فلانا والسياط تأخذه! ومن قرأ بالتاء فالتقدير: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب وفزعهم منه واستعظامهم له لأقروا أن القوة لله، فالجواب مضمر على هذا النحو من المعنى وهو العامل في " أن ". وتقدير آخر: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب وفزعهم منه لعلمت أن القوة لله جميعا. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك، ولكن خوطب والمراد أمته، فإن فيهم من يحتاج إلى تقوية علمه بمشاهدة مثل هذا. ويجوز أن يكون المعنى: قل يا محمد للظالم هذا. وقيل: " أن " في موضع نصب مفعول من أجله، أي لان القوة لله جميعا. وأنشد سيبويه:
وأغفر عوراء الكريم ادخاره * وأعرض عن شتم اللئيم تكرما أي لادخاره، والمعنى: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب لان القوة لله لعلمت مبلغهم من النكال ولاستعظمت ما حل بهم. ودخلت " إذ " وهي لما مضى في إثبات هذه المستقبلات تقريبا للامر وتصحيحا لوقوعه. وقرأ ابن عامر وحده " يرون " بضم الياء، والباقون بفتحها. وقرأ الحسن ويعقوب وشيبة وسلام وأبو جعفر " إن القوة، وإن الله " بكسر الهمزة فيهما على الاستئناف أو على تقدير القول، أي ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب يقولون إن القوة لله. وثبت بنص هذه الآية القوة لله، بخلاف قول المعتزلة في نفيهم معاني الصفات القديمة، تعالى الله عن قولهم.
قوله تعالى: إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166).