قلت: والصحيح أن اللفظ عام في كل ما عدا السنن والشرائع من البدع والمعاصي.
وتقدم القول في " الشيطان " مستوفى (1).
الرابعة - قوله تعالى: " إنه لكم عدو مبين " أخبر تعالى بأن الشيطان عدو، وخبره حق وصدق. فالواجب على العاقل أن يأخذ حذره من هذا العدو الذي قد أبان عداوته من زمن آدم، وبذل نفسه وعمره في إفساد أحوال بني آدم، وقد أمر الله تعالى بالحذر منه فقال جل من قائل: " ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "، " إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " وقال: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء (2) " وقال: " ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا " وقال: " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (3) " وقال: " إنه عدو مضل مبين (4) " وقال: " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير (5) ". وهذا غاية في التحذير، ومثله في القرآن كثير. وقال عبد الله ابن عمر: إن إبليس موثق في الأرض السفلى، فإذا تحرك فإن كل شر في الأرض بين اثنين فصاعدا من تحركه. وخرج الترمذي من حديث أبي مالك الأشعري وفيه: (وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله) الحديث.
وقال فيه: حديث حسن صحيح غريب.
قوله تعالى: إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون (169).
قوله تعالى: " إنما يأمركم بالسوء والفحشاء " سمى السوء سوءا لأنه يسوء صاحبه بسوء عواقبه. وهو مصدر ساءه يسوءه سوءا ومساءة إذا أحزنه. وسؤته فسئ إذا أحزنته فحزن، قال الله تعالى: " سيئت وجوه الذين كفروا (6) ". وقال الشاعر: