وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سر به وذهب عنه ذلك. قالت عائشة: فسألته فقال: (إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي). ويقول إذا رأى المطر: (رحمة). في رواية فقال: (لعله يا عائشة كما قال قوم عاد " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا (1). فهذه الأحاديث والآي تدل على صحة القول الأول وأن تسخيرها ليس ثبوتها، والله تعالى أعلم. فإن الثبوت يدل على عدم الانتقال، فإن أريد بالثبوت كونها في الهواء ليست في السماء ولا في الأرض فصحيح، لقوله " بين " وهي مع ذلك مسخرة محمولة، وذلك أعظم في القدرة، كالطير في الهواء، قال الله تعالى: " ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله (2) " وقال:
" أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن (3) ".
الثالثة عشرة - قال كعب الأحبار: السحاب غربال المطر، لولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لافساد ما يقع عليه من الأرض، رواه عنه ابن عباس. ذكره الخطيب أبو بكر أحمد بن علي عن معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني قال: رأيت ابن عباس مر على بغلة وأنا في بنى سلمة، فمر به تبيع ابن امرأة كعب فسلم على ابن عباس فسأله ابن عباس:
هل سمعت كعب الأحبار يقول في السحاب شيئا؟ قال: نعم، قال: السحاب غربال المطر، لولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لافسد ما يقع عليه من الأرض. قال:
سمعت كعبا يقول في الأرض تنبت العام نباتا، وتنبت عاما قابلا غيره؟ قال نعم، سمعته يقول: إن البذر ينزل من السماء.
قال ابن عباس: وقد سمعت ذلك من كعب.
الرابعة عشرة - قوله تعالى: " لايات " أي دلالات تدل على وحدانيته وقدرته، ولذلك ذكر هذه الأمور عقيب قوله: " وإلهكم إله واحد " ليدل بها على صدق الخبر عما ذكره قبلها من وحدانيته سبحانه، وذكر رحمته ورأفته بخلقه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ويل لمن قرأ هذه الآية فمج بها) أي لم يتفكر فيها ولم يعتبرها.
فإن قيل: فما أنكرت أنها أحدثت أنفسها. قيل له: هذا محال، لأنها لو أحدثت أنفسها لم تخل من أن تكون أحدثتها وهي موجودة أو هي معدومة، فإن أحدثتها وهي