فرج عن نبيه صلى الله عليه وسلم بالريح يوم الأحزاب، فقال تعالى: " فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها (1) ". ويقال: نفس الله عن فلان كربة من كرب الدنيا، أي فرج عنه.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة). أي فرج عنه. وقال الشاعر:
كأن الصبا ريح إذا ما تنسمت * على كبد مهموم تجلت همومها قال ابن الأعرابي: النسيم أول هبوب الريح. وأصل الريح روح، ولهذا قيل في جمع القلة أرواح، ولا يقال: أرياح، لأنها من ذوات الواو، وإنما قيل: رياح من جهة الكثرة وطلب تناسب الياء معها. وفي مصحف حفصة " وتصريف الأرواح ".
العاشرة - قوله تعالى: " وتصريف الرياح " قرأ حمزة والكسائي " الريح " على الافراد، وكذا في الأعراف والكهف وإبراهيم والنمل والروم وفاطر والشورى والجاثية، لا خلاف بينهما في ذلك. ووافقهما ابن كثير في الأعراف والنمل والروم وفاطر والشورى.
وأفرد حمزة " الريح لواقح (2) ". وأفرد ابن كثير " وهو الذي أرسل الريح (3) " في الفرقان. وقرأ الباقون بالجمع في جميعها سوى الذي في إبراهيم والشورى فلم يقرأهما بالجمع سوى نافع، ولم يختلف السبعة فيما سوى هذه المواضع. والذي ذكرناه في الروم هو الثاني " الله الذي يرسل الرياح (4) ". ولا خلاف بينهم في " الرياح مبشرات ". وكان أبو جعفر يزيد بن القعقاع يجمع الرياح إذا كان فيها ألف ولام في جميع القرآن، سوى " تهوي به الريح " و " الريح العقيم ".
فإن لم يكن فيه ألف ولام أفرد. فمن وحد الريح فلانه اسم للجنس يدل على القليل والكثير.
ومن جمع فلاختلاف الجهات التي تهب منها الرياح. ومن جمع مع الرحمة ووجد مع العذاب فإنه فعل ذلك اعتبارا بالأغلب في القرآن، نحو: " الرياح مبشرات " و " الريح العقيم " فجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب، إلا في يونس في قوله: " وجرين بهم بريح طيبة ". وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا هبت الريح: (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا). وذلك لان ريح العذاب شديدة ملتئمة الاجزاء كأنها جسم