على صفة لا يدل عليها الفعل إماما بنفسه أو بواسطة، لأنا إن لم نراع هذا الأصل لزم أن يكون له كيفية وكمية وغير ذلك من الأقوال الفاسدة، وذلك باطل.
والفعل بمجرده يدل على كونه قادرا، وبوقوعه محكما على كونه عالما وبوقوعه على وجه دون وجه على كونه مريدا أو كارها، وكونه قادرا عالما على كونه حيا موجودا، وكونه حيا موجودا على كونه مدركا سميعا بصيرا.
ووجوب هذه الصفات له في الأزل يدل على صفته الذاتية عند من أثبتها وليس في الفعل ما يدل على أن له مائية، فوجب نفيها.
وقول الأمة: إن الله تعالى أعلم بنفسه منا. معناه أنه يعلم من تفاصيل مقدوراته ومعلوماته ما لا يعلمه أحد، لأنه يعلم منها ما لا نهاية له، والواحد منا يعلم ذلك على وجه الجملة، فلا يجوز التوصل بذلك إلى القول بالمائية.
ولا يجوز أن يكون تعالى بصفة الجسم أو الجوهر، لأن ما دل على كون الجسم محدثا 1) قائم في جميع الأجسام، فلو كان تعالى جسما لأدى إلى كونه محدثا أو كون الأجسام قديمة، وكلا الأمرين فاسد.
وأيضا لو كان جسما لما صح منه فعل الأجسام كما لا يصح منا، على ما مضى القول فيه، والعلة في ذلك كونها أجساما، وقد دللنا على أنه فاعل الأجسام فبطل كونه جسما.
ولا يجوز وصفه بأنه جسم مع انتفاء حقيقة الجسم عنه، لأن ذلك نقض اللغة، لأن أهل اللغة يسمون الجسم ما له طول وعرض وعمق، بدلالة قولهم " هذا أطول من هذا " إذا زاد طولا، و " هذا أعرض من هذا " إذا زاد عرضا و " هذا أعمق من هذا " إذا زاد عمقا، و " هذا أجسم من هذا " إذا جمع الطول والعرض والعمق. فعلم بذلك أن حقيقة الجسم ما قلناه، وذلك يستحيل