والمبصرات في الأزل، ووجودهما في الأزل محال لأنهما محدثان، فلا يصح وجودهما في الأزل.
وأما كونه مدركا فإنه يتجدد له بعد أن لم يكن إذا وجدت المدركات، والمقتضي له كونه حيا، لأن أحدا متى حصل كونه حيا ووجدت المدركات وارتفعت الموانع المعقولة وجب أن يكون مدركا، ولو كان المقتضي غير كونه حيا لما وجب ذلك وقد علمنا وجوبه.
فأما كونه مريدا وكارها فيجب أن يحصلا له بإرادة محدثة موجودة لا في محل، لأنه لا يخلو أن يكون مريدا لنفسه أو بإرادة قديمة أو محدثة فيه أو في غيره من جماد أو حيوان، أو موجودة لا في محل. ولا يجوز أن يكون مريدا لنفسه، لأنه كان يؤدي إلى أن يكون مريدا للشئ كارها له على وجه واحد في وقت واحد، لوجوب سماع صفات النفس.
وما به علمنا كونه مريدا علمنا كونه كارها، واجتماع الصفتين محال، لتضادهما ولأنه كان يجب أن يكون مريدا لكل ما يصح حدوثه، فيجب من ذلك أن يكون مريدا للقبائح، وذلك صفة نقص يتعالى الله عن ذلك.
ولا يجوز أن يكون مريدا بإرادة قديمة، لأنه كان يجب أن تكون تلك الإرادة مثلا له لمشاركتها له في القدم على ما بيناه في القدرة والعلم وقد بينا فساده.
ولا يجوز أن يكون مريدا بإرادة قائمة به، لأنه ليس بمتحيز والمعاني لا تقوم إلا بالمتحيز. ولو وجدت في غيره من الجماد استحال ذلك، لأن الإرادة يستحيل وجودها في الجماد. ولو وجدت في حي لوجب أن تكون إرادة لذلك الحي، فلم يبق إلا أنه يجب أن يكون مريدا بإرادة توجد لا في محل.
فأما كونه متكلما فلا يكون إلا بكلام محدث، لأن حقيقة المتكلم من وقع