رضي الله عنه حتى إذا دنا من الحصون، سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله (ص) منهم فرجع حتى لقي رسول الله (ص) بالطريق، فقال: يا رسول الله لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخباث، قال: لم؟ أظنك سمعت لي منهم أذى، قال: نعم يا رسول الله. قال: لو قد رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا. فلما دنا رسول الله (ص) من حصونهم قال: يا إخوان القردة هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟ قالوا: يا أبا القاسم، ما كنت جهولا ومر رسول الله (ص) على أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة، فقال: هل مر بكم أحد؟ فقالوا: يا رسول الله، قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء عليها رحالة عليها قطيفة ديباج، فقال رسول الله (ص): ذاك جبرائيل بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم فلما أتى رسول الله (ص) قريظة نزل على بئر من آبارها في ناحية من أموالهم يقال لها: بئر أنا، فتلاحق به الناس، فأتاه رجال من بعد العشاء الآخرة، ولم يصلوا العصر لقول رسول الله (ص): لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فصلوا العصر فما عابهم الله بذلك في كتابه ولا عنفهم به رسوله.
21690 - والحديث عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري، قال: وحاصرهم رسول الله (ص) خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب. وقد كان حيي بن أخطب دخل على بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه فلما أيقنوا بأن رسول الله (ص) غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب بن أسد لهم: يا معشر يهود، إنه قد نزل بكم من الامر ما ترون، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها قالوا:
وما هن؟ قال: نبايع هذا الرجل ونصدقه، فوالله لقد تبين لكم إنه لنبي مرسل، وإنه الذي كنتم تجدونه في كتابكم، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا:
لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره قال: فإذا أبيتم هذه علي، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين بالسيوف، ولم نترك وراءنا ثقلا يهمنا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا شيئا نخشى عليه، وإن نظهر فلعمري لنتخذن النساء والأبناء، قالوا: نقتل هؤلاء المساكين، فما خير العيش بعدهم قال: فإذا أبيتم هذه علي، فإن الليلة ليلة السبت، وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوا، فانزلوا لعلنا أن نصيب من محمد وأصحابه غرة. قالوا: نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يكن أحدث فيه من كان قبلنا؟ أما من قد علمت فأصابهم من المسخ