ذلك بعض قراء البصرة والكوفة بحذف الألف من جميعه في الوقف والوصل، اعتلالا بأن ذلك غير موجود في كلام العرب إلا في قوافي الشعر دون غيرها من كلامهم، وأنها إنما تفعل ذلك في القوافي طلبا لاتمام وزن الشعر، إذ لو لم تفعل ذلك فيها لم يصح الشعر، وليس ذلك كذلك في القرآن، لأنه لا شئ يضطرهم إلى ذلك في القرآن، وقالوا: هن مع ذلك في مصحف عبد الله بغير ألف.
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأه بحذف الألف في الوصل والوقف، لان ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، مع شهرة القراءة بذلك في قراء المصرين: الكوفة، والبصرة ثم القراءة بإثبات الألف فيهن في حالة الوقف والوصل، لأن علة من أثبت ذلك في حال الوقف أنه كذلك في خطوط مصاحف المسلمين. وإذا كانت العلة في إثبات الألف في بعض الأحوال كونه مثبتا في مصاحف المسلمين، فالواجب أن تكون القراءة في كل الأحوال ثابتة، لأنه مثبت في مصاحفهم. وغير جائز أن تكون العلة التي توجب قراءة ذلك على وجه من الوجوه في بعض الأحوال موجودة في حال أخرى، والقراءة مختلفة، وليس ذلك لقوافي الشعر بنظير، لان قوافي الشعر إنما تلحق فيها الألفات في مواضع الفتح، والياء في مواضع الكسر، والواو في مواضع الضم طلبا لتتمة الوزن، وأن ذلك لو لم يفعل كذلك بطل أن يكون شعرا لاستحالته عن وزنه، ولا شئ يضطر تالي القرآن إلى فعل ذلك في القرآن.
وقوله: هنالك ابتلي المؤمنون يقول: عند ذلك اختبر إيمان المؤمنين، ومحص القوم وعرف المؤمن من المنافق. وبنحو ما قلنا فذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21628 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله هنالك ابتلي المؤمنون قال: محصوا.
وقوله: وزلزلوا زلزالا شديدا يقول: وحركوا بالفتنة تحريكا شديدا، وابتلوا وفتنوا.
وقوله: وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض: شك في الايمان، وضعف في اعتقادهم إياه: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، وذلك فيما ذكر قول معتب بن قشير.