الكثيفة وتصطدم لها تتحول إلى شعلة نارية، ثم تصل إلى الأرض بصورة رماد، وقد ذكرت الشهب كرارا في القرآن المجيد، وأنها كالسهام ترمى صوب الشياطين الذين يريدون أن يسترقوا السمع من السماء، وقد أوردنا بحوثا مفصلة حول كيفية إخراج الشياطين من السماء بالشهب، وما يراد من استراق السمع، وذلك في ذيل الآية (18) من سورة الحجر وما يليها، وفي ذيل الآية (10) من سورة الصافات وما يليها.
" رصد " على وزن حسد، وهو التهيؤ لانتظار شئ ويعبر عنه ب (الكمين) وتعني أحيانا اسم فاعل بمعنى الشخص أو الشئ الذي يكمن، وهذا ما أريد به في هذه الآيات.
ثم قالوا: وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا.
أي مع كل هذا فإننا لا ندري أكان هذا المنع من استراق السمع دليل على مكيدة تراد بأهل الأرض، أم أراد الله بذلك المنع أن يهديهم، وبعبارة أخرى أننا لا ندري هل هذه هو مقدمة لنزول البلاء والعذاب من الله، أم مقدمة لهدايتهم، ولكن لا يخفى على مؤمني الجن أن المنع من استراق السمع الذي تزامن مع ظهور نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مقدمة لهداية البشرية، وانحلال جهاز الكهانة والخرافات الأخرى، وليس هذا إلا انتهاء لعصر الظلام، وابتداء عصر النور.
ومع هذا، فإن الجن ولعلاقتهم الخاصة بمسألة استراق السمع لم يكونوا يصدقون بما في ذلك المنع من خير وبركة، وإلا فمن الواضح أن الكهنة في العصر الجاهلي كانوا يستغلون هذا العمل في تضليل الناس.
والجدير بالذكر أن مؤمني الجن صرحوا بالفاعل لإرادة الهداية فنسبوه إلى الله، وجعلوا فاعل الشر مجهولا، وهذا إشارة إلى أن ما يأتي من الله فهو خير، وما يصدر من الناس فهو الشر وفساد إذا ما أساءوا التصرف بالنعم الإلهية، ثم إن