البقرة جد في أعيننا (1).
على كل حال فإن استعمال هذه اللفظة في المجد والعظمة مطابق لما ورد في نصوص اللغة، ومن الملاحظ أن خطباء الجن معتقدون بأن الله ليس له صاحبة ولا ولد، ويحتمل أن يكون هذا التعبير نفي للخرافة المتداولة بين العرب حيث قالوا: إن لله بنات لزوجة من الجن قد اتخذها لنفسه، وورد هذا الاحتمال في تفسير الآية (158) من سورة الصافات: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا.
ثم قالوا: وإنه كان يقول سفيهنا على الله شططا.
ويحتمل أن التعبير ب " السفيه " هنا بمعنى الجنس والجمع، أي أن سفهاءنا قالوا: إن لله زوجة وأطفالا، واتخذ لنفسه شريكا وشبيها، وإنه قد انحرف عن الطريق، وكان يقول شططا، واحتمل بعض المفسرين أن " السفيه " هنا له معنى انفرادي، والمقصود به هو " إبليس " الذي نسب إلى الله نسب ركيكة، وذلك بعد مخالفته لأمر الله، واعتراضه على الله في السجود لآدم (عليه السلام) ظنا منه أن له الفضل على آدم، وأن سجوده لآدم بعيد عن الحكمة.
ولما كان إبليس من الجن، وكان قد بدا منه ذلك، اشمأز منه المؤمنون من الجن واعتبروا ذلك منه شططا، وإن كان عالما وعابدا، ولأن العالم بلا عمل، والعابد المغرور من المصاديق الواضحة للسفيه.
" شطط " على وزن وسط، وتعني الخروج والابتعاد عن قول الحق، ولهذا تسمى الأنهار الكبيرة التي ترتفع سواحلها عن الماء ب " الشط ".
ثم قالوا: وإنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا.
لعل هذا الكلام إشارة إلى التقليد الأعمى للغير، حيث كانوا يشركون بالله وينسبون إليه الزوجة والأولاد، وفهنا يقولوا: لقد كنا نصدقهم بحسن ظننا بهم