وليتمسكوا بالقرآن وبالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال البعض: إن الآية أن لن يبعث الله أحد تشير إلى إنكار البعث لا إلى إنكار بعثة الأنبياء، وقال آخرون: إن هذه الآية والتي قبلها هي من كلام الله تعالى وليست من كلام مؤمني الجن، وإنها آيات عرضية جاءت في وسط حديثهم، والمخاطبون هم مشركو العرب، وطبقا لهذا التفسير يكون المعنى هكذا، يا مشركي العرب، إنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، ولما سمعوا الذكر أدركوا خطأهم، وقد حان لكم أن تفيقوا، ولكن هذا القول يبدو بعيدا، بل الظاهر أن الخطاب هو لمؤمني الجن والمخاطبون هم الكفار منهم.
ثم يشيرون إلى علامة صدق قولهم وهو ما يدركه الجن في عالم الطبيعة، فيقولون: وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا (1) (2).
وكنا في السابق نسترق السمع من السماء ونحصل على أخبار الغيب ونوصلها إلى أصدقائنا من الإنس ولكننا منعنا من ذلك الآن: وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا أليس هذا الوضع الجديد دليل على حقيقة التغيير العظيم الحاصل في العالم عند ظهور الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتاب الله السماوي، لماذا كانت لكم القدرة على استراق السمع والآن سلبت منكم هذه القدرة؟ أليس معنى هذا انتهاء عصر الشيطنة والكهانة والخداع، وانتهاء ظلمة الجهل بشروق شمس الوحي والنبوة؟
" شهاب " لهب من النار، ويطلق أيضا على الأنوار النارية الممتدة في السماء، وهي قطع حجرية صغيرة متحركة في الفضاء الخارجي للكرة الأرضية، كما يقول علماء الفلك، وتتأثر بجاذبية الأرض عند وصولها إلى مقربة منها فتسقط على شكل شعلة نارية حارقة، لأنها عندما تصل إلى طبقات الهواء