وهي كذلك: بأيدي سفرة، سفراء من الملائكة.
وهؤلاء السفراء: كرام بررة.
" سفرة ": جمع (سافر) من (سفر) على وزن (قمر)، ولغة: بمعنى كشف الغطاء عن الشئ، ولذا يطلق على الرسول ما بين الأقوام (السفير) لأنه يزيل ويكشف الوحشة فيما بينهم، ويطلق على الكاتب اسم (السافر)، وعلى الكتاب (سفر) لما يقوم به من كشف موضوع ما وعليه... فالسفره هنا، بمعنى: الملائكة الموكلين بإيصال الوحي الإلهي إلى النبي، أو الكاتبين لآياته.
وقيل: هم حفاظ وقراء وكتاب القرآن والعلماء، الذين يحافظون على القرآن من أيدي العابثين وتلاعب الشياطين في كل عصر ومصر.
ويبدو هذا القول بعيدا، لأن الحديث في الآيات كان يدور حول زمان نزول الوحي على صدر الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليس عن المستقبل.
وما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، في وقوله: " الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة " (1). بجعل الحافظين للقرآن العاملين به في درجة السفرة الكرام البررة، فليسوا هم السفرة بل في مصافهم، لأن جلالة مقام حفظهم وعملهم، يماثل ما يؤديه حملة الوحي الإلهي.
ونستنتج من كل ما تقدم: بأن من يسعى في حفظ القرآن وإحياء مفاهيمه وأحكامه ممارسة، فله من المقام ما للكرام البررة.
" كرام ": جمع (كريم)، بمعنى العزيز المحترم، وتشير كلمة " كرام " في الآية إلى عظمة ملائكة الوحي عند الله وعلو منزلتهم.
وقيل: " كرام ": إشارة إلى طهارتهم من كل ذنب، بدلالة الآيتين (26 و 27) من سورة الأنبياء: بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.