وأشارت الآيات (26 - 28) من سورة الرحمن إلى نعمة الموت، بالقول:
كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام فبأي آلاء ربكما تكذبان؟!
فالموت على ضوء الآية المباركة من مفردات النعم الكبيرة للباري جل شأنه على البشرية.
نعم.. فالدنيا وجميع ما تحويه من نعم ربانية لا تتعدى كونها سجن المؤمن، والخروج منها إطلاق سراح من هذا السجن الكئيب.
وإذا كانت النعم سببا لوقوع الإنسان في غفلة عن الله، فالموت خير رادع لايقاظه وتحذيره من الوقوع في ذلك الشرك، فهو والحال هذه نعمة جليلة الشأن.
أضف إلى ذلك كله، إن الحياة لو دامت فسوف لا يجني الإنسان منها سوى الملل والتعب، فهي ليست كالآخرة التي تحمل بين ثناياها النشاط والسعادة الأبدية.
وينتقل البيان القرآني إلى يوم القيامة: ثم إذا شاء أنشره.
" أنشره ": من (النشر)، بمعنى الانبساط بعد الجمع، فالكلمة تشير بأسلوب بلاغي رائع إلى جمع كل حياة الإنسان عند الموت لتنشر في محيط أكبر وأعلى (يوم القيامة).
ومع أن الآية السابقة لم تشر إلى مشيئة الله في عمليتي الموت والإقبار ثم أماته فأقبره، إلا أن " النشر " قد اقترن بمشيئته سبحانه في الآية المبحوثة ثم إذا شاء أنشره.. يمكن حمل ذلك على كون إشارة لعدم معرفة أي مخلوق بوقت حدوث يوم القيامة، وأما الموت فهو معروف إجمالا، حيث كل إنسان يموت بعد عمر طبيعي.
وتأتي الآية الأخيرة من الآيات المبحوثة لتبين لنا ما يؤول إليه الإنسان من ضياع في حال عدم اعتباره بكل ما أعطاه الله من المواهب، فالرغم من حتمية