وفتقول الآية: إن الأباطيل والتهم الزائفة التي افتريتم بها على القرآن من كونه شعر أو سحر أو نوع من الكهانة، لا يمتلك من الصحة شيئا، وإنما الآيات القرآنية آيات تذكرة وإيمان، ودليلها فيها، وكل من اقترب منها سيجد أثر ذلك في نفسه (ما عدا المعاندين).
وتشير الآية التالية إلى اختيارية الهداية والتذكر: فمن شاء ذكره (1).
نعم، فلا إجبار ولا إكراه في تقبل الهدي الرباني، فالآيات القرآنية مطروحة وأسمعت كل الآذان، وما على الإنسان إلا أن يستفيد منها أو لا يستفيد.
ثم يضيف: أن هذه الكلمات الإلهية الشريفة مكتوبة في صحف (ألواح وأوراق): في صحف مكرمة.
" الصحف ": جمع (صحيفة) بمعنى اللوح أو الورقة، أو أي شئ يكتب عليه.
فالآية تشير إلى أن القرآن قد كتب على ألواح من قبل أن ينزل على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووصلت إليه بطريق ملائكة الوحي، والألواح بطبيعتها جليلة القدر وعظيمة الشأن.
وسياق الآية وارتباطها مع ما سبقها من آيات وما سيليها: لا ينسجم مع ما قيل من أن المقصود بالصحف هنا هو، كتب الأنبياء السابقين.
وكذا الحال بالنسبة لما قيل من كون " اللوح المحفوظ "، لأن " اللوح والمحفوظ " لا يعبر عنه بصيغة الجمع، كما جاء في الآية: " صحف ".
وهذه الصحف المكرمة: مرفوعة مطهرة.
فهي مرفوعة القدر عند الله، وأجل من أن تمتد إليها أيدي العابثين وممارسات المحرفين، ولكونها خالية من قذارة الباطل، فهي أطهر من أن تجد فيها أثرا لأي تناقض أو تضاد أو شك أو شبهة.