على شخصيات قريش، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بفعله ذلك لم يقصد سوى الإسراع في نشر الإسلام عن هذا الطريق، وتحطيم صف أعدائه.
ثانيا: إن العبوس أو الانبساط مع الأعمى سواء، لأنه لا يدرك ذلك، وبالإضافة إلى ذلك فإن " عبد الله بن أم مكتوم " لم يراع آداب المجلس حينها، حيث أنه قاطع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرارا في مجلسه وهو يسمعه يتكلم مع الآخرين، ولكن بما أن الله تعالى يهتم بشكل كبير بأمر المؤمنين المستضعفين وضرورة اللطف معهم واحترامهم فإنه لم يقبل من رسوله هذا المقدار القليل من الجفاء وعاتبه من خلال تنبيهه على ضرورة الاعتناء بالمستضعفين ومعاملتهم بكل لطف ومحبة.
ويمثل هذا السياق دليلا على عظمة شأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالقرآن المعجز قد حدد لنبي الإسلام الصادق الأمين أرفع مستويات المسؤولية، حتى عاتبه على أقل ترك للأولى (عدم اعتنائه اليسير برجل أعمى)، وهو ما يدلل على أن القرآن الكريم كتاب إلهي وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صادق فيه، حيث لو كان الكتاب من عنده (فرضا) فلا داعي لاستعتاب نفسه...
ومن مكارم خلقه (صلى الله عليه وآله وسلم) - كما ورد في الرواية المذكورة - إنه كان يحترم عبد الله بن أم مكتوم، وكلما رآه تذكر العتاب الرباني له.
وقد ساقت لنا الآيات حقيقة أساسية في الحياة للعبرة والتربية والاستهداء بها في صياغة مفاهيمنا وممارستنا، فالرجل الأعمى الفقير المؤمن أفضل من الغني المتنفذ المشرك، وأن الإسلام يحمي المستضعفين ولا يعبأ بالمستكبرين.
ونأتي لنقول ثانية: إن المشهور بين المفسرين في شأن النزول، هو نزولها في شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن ليس في الآية ما يدل بصراحة على هذا المعنى.
* * * 2 التفسير 3 عتاب رباني!