القيامة، ويوجه الباري خطابه إلى حبيبه الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، بأنك لا تعلم وقت وقوعها، ويقول: فيم أنت من ذكراها.
فما خفي عليك (يا محمد)، فمن باب أولى أن يخفى على الآخرين، والعلم بوقت قيام القيامة من الغيب الذي اختصه الله لنفسه، ولا سبيل لمعرفة ذلك سواه إطلاقا!
وكما قلنا، فسر خفاء موعد الحق يرجع لأسباب تربوية، فإذا كان ساعة قيام القيامة معلومة فستحل الغفلة على جميع إذا كانت بعيدة، وبالمقابل ستكون التقوى اضطرارا والورع بعيدا عن الحرية والاختيار إذا كانت قريبة، والأمران بطبيعتهما سيقتلان كل أثر تربوي مرجو.
وثمة احتمالات أخرى قد عرضها بعض المفسرين، ومنها: إنك لم تبعث لبيان وقت وقوع يوم القيامة، وإنما لتعلن وتبين وجودها (وليس لحظة وقوعها).
ومنها أيضا: إن قيامك وظهورك مبين وكاشف عن قرب وقوع يوم القيامة بدلالة ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما جمع بين سبابتيه وقال: " بعثت أنا والقيامة كهاتين " (1) ولكن التفسير الأول أنسب من غيره وأقرب.
وتقول الآية التالية: إلى ربك منتهاها.
فالله وحده هو العالم بوقت موعدها دون غيره ولا فائدة من الخوض في معرفة ذلك.
ويؤكد القرآن هذا المعنى في الآيتين: (34) من سورة لقمان: إن الله عنده علم الساعة، وفي الآية (187) من سورة الأعراف: قل إنما علمها عند ربي.
وقيل: المراد بالآية، تحقق القيامة بأمر الله، ويشير هذا القول إلى بيان علة ما