منبثا (1).
ولا يبقى منها أخيرا إلا الأثر، كما أشارت لذلك الآية المبحوثة، وكأنها يلوح في الأفق، ويصبح سطح الأرض مستويا بعد أن تمحى الجبال من فوقها:
ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا (2).
" السراب ": من (السرب).. هو الذهاب في طريق منحدر، فعندما يسير الإنسان بين المنحدرات في الصحراء، يتراءى له من بعيد تلألؤا يظنه ماء، وما هو إلا انكسار في الأشعة يسمى (السراب)، ثم أطلقت كلمة السراب على كل ظاهر خال من المحتوى.
وبهذا تكون الآية قد أشارت إلى بداية حركة الجبال ونهاية أمرها، فيما تعرضت بقية الآيات (التي ذكرناها) إلى المراحل المختلفة بين البداية والنهاية.
فإذا كانت عاقبة الجبال على ما لها من شموخ وصلابة ستنتهي إلى غبار متناثر في الفضاء وعلى صورة سراب، فما حال ذلك الإنسان الذي يتصور أنه جبار شديد البطش عريك القوى، ولكنه لا يستطيع أن يتحدى الجبل صلابة!...
إنه يوم القيامة...
ولكن.. هل أن هذه الحوادث تتعلق بالنفخة الأولى للصور التي تحكي عن نهاية العالم، أم هي متعلقة بالنفخة الثانية والتي تقوم القيامة بها؟!
بلا شك أن الآية: يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا تشير إلى نفخة الصور الثانية، لأنها تحكي عن إحياء الأموات ومحبتهم في عرصة المحشر أفواجا، وكذا الحال بالنسبة للحوادث المذكورة فإنها متعلقة بنفخة الصور الثانية، إلا أنه من الممكن حمل بداية حركة الجبال على النفخة الأولى، ونهاية (السراب) ستكون بعد النفخة الثانية.