وتضيف الآية التالية مباشرة: وجعلنا النهار معاشا (1).
الآيتان تفندان جهل الثنويون بأسرار الخلق، حيث يقولون: إن النور والنهار نعمة، والظلام والليل شر وعذاب، ويجعلون لكل منهما خالق (إله الخير وإله الشر).. وبقليل من التأمل نجد أن كلا منهما يمثل نعمة إلهية معطاءة، حيث تنبع منها نعم أخرى.
وشبهت الآية الليل باللباس والغطاء الذي يلقى على الأرض ليشمل كل من على الأرض، وليجبر فعاليات الموجودات الحية المتعبة على الأرض بالتعطل عن الحركة وممارسة النشاطات، ويخيم الظلام والسكون ليضفي على الأرض الهدوء ليستريح الناس من رحلة العمل والمعاناة خلال النهار، وليتمكنوا من مواصلة نشاطهم لليوم التالي لأن النوم المريح لا يتيسر للانسان إلا في أجواء مظلمة.
وبالإضافة لكل ما ذكر، فحلول الليل يعني زوال نور الشمس وإلا لانعدمت الحياة واحترقت جميع النباتات والحيوانات في حال استمرار شروق الشمس.
ولذا نجد القرآن الكريم يؤكد على هذه الحقيقة، فتارة يقول: قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه (2). وتأتي الآية التالية لتقول: ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله (3) ويلاحظ في القرآن الكريم أنه قد أقسم بأمور كثيرة، ولكن قسمه لا يتعدى المرة الواحدة لكل ما قسم به، ما عدا الليل فقد جاء القسم به سبع مرات! ولما كان القسم بشئ دليل على أهميته، فهذا