التحريم: يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنكما تجزون ما كنتم تعلمون، (حين تجسمت أعمالكم وحضرت أمامكم).
ويذكر القرآن سبب الجزاء فيقول: إنهم كانوا لا يرجون حسابا.
وبعبارة أخرى: إن عدم الإيمان بالحساب سبب للطغيان، فيكون الطغيان سببا لذلك الجزاء الأليم.
" لا يرجون ": من " الرجاء " ويأتي بمعنى " الأمل " وكذلك بمعنى " عدم الخوف "، ومن الطبيعي أن يشعر الإنسان بالخوف في حال الأمل والانتظار، وإلا لم يخف.. فبين الأمرين تلازم، ولهذا فالذين ليس لديهم أمل ورجاء لا يحسون بخوف أيضا.
" إن " في " إنهم ": للتأكيد. و " كانوا ": للماضي المستمر. و " حسابا ": نكرة جاءت بعد نفي لتعطي معنى العموم.. وكل هذا البيان جاء ليبين أنهم ما كانوا ينتظرون حسابا مطلقا، وما كانوا يشعرون لاخوف من ذلك! وبعبارة أخرى: إنهم تناسوا حسابا يوم القيامة بالكلية: ولم يفرزوا له مكانا في كل حياتهم! ولا جرم أن عاقبة أمرهم سيؤول إلى العذاب الأليم لما اقترفوه من جرائم عظمي وكبائر الذنوب.
ومباشرة يضيف القرآن القول: وكذبوا بآياتنا كذابا (1).
فقد أحكمت الأهواء النفسانية قبضتها عليهم حتى جعلتهم يكذبون بآيات الله تكذيبا شديدا، وأنكروها إنكارا قاطعا ليواصلوا أمانيهم الإجرامية باتباعهم المفرط لأهوائهم الغاربة.
وبما أن معنى " آياتنا " من الوسع بحيث يشمل كل آيات التوحيد والنبوة والتكوين والتشريع ومعجزات الأنبياء والأحكام السنن، فعملية تكذيب كل هذه