المعصومين (عليهم السلام) بأسرار الغيب هي على حد التواتر، أما كيف نجمع بين هذه الآيات والروايات التي ينفي بعضها علم الغيب لغير الله وإثبات البعض الآخر لغيره تعالى؟ هناك طرق مختلفة للجمع بينها:
1 - أشهر طرق الجمع هو أن المراد من اختصاص علم الغيب بالله تعالى هو العلم الذاتي والاستقلالي، ولهذا لا يعلم الغيب إلا هو، وما يعلمونه فهو من الله، وذلك بلطفه وعنايته، والدليل على هذا الجمع هو تلك الآية التي بحثت من قبل والتي تقول: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول.
وقد أشير إلى هذا المعنى في نهج البلاغة عندما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخبر عن الحوادث المقبلة (وهو يتصور هجوم المغول على البلاد الإسلامية) فقال أحد أصحابه: يا أمير المؤمنين، هل عندك علم الغيب؟ فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: " ليس هو بعلم غيب، إنما هو تعلم من ذي علم ". (1) وقد وافق على هذا الجمع كثير من العلماء المحققين.
2 - أسرار الغيب قسمان: قسم خاص بالله عز وجل لا يعلمه إلا هو كقيام الساعة، وغيرها مما يشابه ذلك، والقسم الآخر علمه الأنبياء والأولياء، كما يقول علي (عليه السلام) في نهج البلاغة في ذيل تلك الخطبة المشار إليها: " وإنما علم الغيب علم الساعة، وما عدده الله سبحانه بقوله: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت (2).
ثم أضاف الإمام (عليه السلام) في شرح هذا المعنى.
يمكن لبعض الناس أن يعلموا بزمان وضع الحمل أو نزول المطر ومثل ذلك علما إجماليا، وأما العلم التفصيلي والتعرف على هذه الأمور فهو خاص بذات