قبيل غزوة أحد وفي بعض الروايات: ان ذلك بعد غزوة الأحزاب (1) لكن الامر في ذلك سهل في الجملة لامكان حملها على كون المراد بتحريم الخمر فيها نزول آية المائدة وإن لم يوافقه لفظ بعض الروايات كل الموافقة.
وثانيهما: من جهة دلالتها على أن الخمر لم تكن بمحرمة قبل نزول آية المائدة أو انها لم تظهر حرمتها قبلئذ للناس وخاصة للصحابة مع صراحة آية الأعراف المحرمة للإثم وآية البقرة المصرحة بكونها إثما، وهى صراحة لا تقبل تأويلا.
بل من المستبعد جدا أن تنزل حرمة الاثم بمكة قبل الهجرة في آية تتضمن جمل المحرمات أعني قوله: " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون " (الأعراف: 33) ثم يمر عليه زمان غير يسير، ولا يستفسر المؤمنون معناه من نبيهم ولا يستوضحه المشركون وأكبر همهم النقض والاعتراض على كتاب الله مهما توهموا إليه سبيلا.
بل المستفاد من التاريخ أن تحريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للخمر كتحريمه الشرك والزنا كان معروفا عند المشركين يدل على ذلك ما رواه ابن هشام في السيرة عن خلاد بن قرة وغيره من مشائخ بكر بن وائل من أهل العلم: أن أعشى بنى قيس خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الاسلام فقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليم مسهدا (القصيدة) فلما كان بمكة أو قريبا منها اعترضه بعض المشركين من قريش فسأله عن أمره فأخبره أنه جاء يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم فقال له: " يا أبا بصير إنه يحرم الزنا فقال الأعشى: والله إن ذلك لأمر ما لي فيه من إرب، فقال له: يا أبا بصير فإنه يحرم الخمر فقال الأعشى: أما هذه فإن في النفس منها لعلالات، ولكني منصرف فأتروى منها عامي هذا ثم آتيه فاسلم فانصرف فمات في عامه ذلك ولم يعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.